الإمام الحسن (ع) سَمِيُّ السماء (٢) – ٧ صفر ١٤٤٤هـ
عناصر الحديث
▪️الاقتداء بالإمام الحسن مصداق للدعاء ( اللهم إني أسألك من بهائك بأبهاه )
▪️من تجليات الحسن في حياة الإمام الحسن قوله ( ان أحسن الحسن الخلق الحسن )
▪️أهمية الخلق الحسن وحدوده
▪️ارتباط ذكر الله كثيرا بالخلق الحسن
▪️من تجليات الحسن في حياة الإمام الحسن صلحه مع معاوية
▪️ما هي أوجه الاشتراك بين صلح الحديبية وصلح الإمام الحسن ؟
▪️اين هو الفتح في صلح الإمام الحسن ؟ وكيف كان هذا الصلح أفضل مما طلعت به الشمس على الأمة؟
في رحاب مولانا الحسن المجتبى رابع أهل الكساء وسَمِيُّ السماء، كان الكلام ان الله جل جلاله حينما يتولى تسمية الإمام الحسن ويختار له الاسم فمن جهة أنه تعالى قوله فعله فهو لا يطلق لفظا او الاسم فقط بل يجعل المسمى نفسه فحينما يأمر النبي ﷺ بأن يسميه الحسن هو بمثابة اعلان للناس ان هذا الوليد إنما هو الحسن والجمال الإلهي بينكم،
فإذا توجهتم في الدعاء اللهم اني أسألك من بهائك بأبهاه وكل بهائك بهي اللهم إني أسألك ببهائك كله، فمصداق هذا البهاء هو الإمام الحسن المجتبى ، وكذلك هذه التسمية بمثابة اعلان تأييد له وعصمة، وبداية رعاية إلهية تستمر كل حياته الشريفة .
فهو يعطيه الحسن كمحور تقوم عليه كل مقاطع الحياة ، فالإمام حسن في نسبه اولا ، وحسن في روحه ، وحسن في اخلاقه ، وحسن في عقله وفكره وحسن في جميع ما يقوم به .
واللطيف كما يقول البعض ان هذا الحسن من اسم الحسن ممكن أن يفهم من عدة معاني من نفس حروف هذا الاسم الشريف المكون من ثلاث حروف الحاء والسين والنون ، فلو جمعنا اول حرفين الاول والثاني سوف تعطينا كلمه ((حس)) وهو من الاحساس، ولو جمعنا الحرف الاول والثالث سوف تعطينا كلمة (( حن ))وهو من الحنان ، فالحسن وفق هذا التركيب اللغوي مجموع من شعور واحساس عميق وحي بالحنان والرحمة ، وهذا يشمل العطاء والجود وسعة الصدر ،
ورد عن مولانا الحسن المجتبى :” إن أحسن الحسن الخلق الحسن ”
الحديث دعوة من الإمام الحسن ان نشد الرحال الى أسواق من نوع خاص ونبحث عن الحسن الروحي، وهذا الجمال الروحي مهم بحيث انه يوصف في الروايات بأنه النعيم في الدنيا والعيش الهنيء والقرين الصادق. ورد : كفى بحسن الخلق نعيما، أو لا عيش أهنأ من حسن الخلق، وفي حديث آخر لا قرين كحسن الخلق .
وكون الإنسان صاحب خلق طيب هذا دليل على محبة الله له لانها نعمة لا تعطى للكثيرين ،لأن ورد في الحديث الأخلاق منايح من الله عز وجل إذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسنا وإذا أبغض الله عبدا منحه خلق سيئا ..
هذا في الدنيا أما في الآخرة فيقول رسول الله ﷺ ما من شيء أثقل في الميزان من حسن خلق وفي حديث آخر إن الله تبارك وتعالى ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق كما يعطي المجاهد في سبيل الله يغدو ويروح .
ويقول إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة . وعظيم الدرجات هذه يصفها رسول الله ﷺ في الحديث يقول إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا وأشدكم تواضعا .
أما عن حدود حسن الخلق .متى يمكن القول أن أخلاق فلان طيبة ، رسول الله ﷺ روي عنه قوله ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون، الموطئون اكنافا مقابل شر الناس من اتقاه الناس مخافة شره ،”. وهم الذين جوانبهم وطيئة لينة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى بهم، فهم يفرحون بالحسنة ويتجاوزون عن السيئة ويعفو ويصفحون .
ونفس المعنى في حديث للإمام الصادق قيل له ما حد حسن الخلق فقال تلين جانبك وتطيب كلامك وتلقى أخاك ببشر حسن “.تلين جانبك : لا تتعصب لا تصلب لا تتشنج في تعاملك خليك لين سمح سلس حتى لو أخطأ الناس في حقك ، دائما تذكر ان ردود فعلك يجب ان تقيسها بمقياس تفسك وليس مياس الاخرين ، الإمام الحسن شتمه رجل فقال له لعلك غريب ودعاه إلى بيته ليضيفه .
في حديث آخر عن الصادق : ألا أحدثك بمكارم الأخلاق الصفح عن الناس ومواساة الرجل أخاه في ماله وذكر الله كثيرا. وهذه نقطة مهمة اعتبر الذكر من الأخلاق لأنه هنا هو الحصن الذي يمنع الإنسان من أن يشعر بالعجب لمقامه عند الناس بأخلاقه الطيبة .
وهذا اصعب ما في تحسين الخلق، فقد يكون الإنسان خلوقا ولكنه معجب بنفسه لحسن خلقه مع الاخرين، هناك ابيات شعر للشاعر طاغور بنغالي هو غير مسلم لكن له شعر في العرفان لا تختلف عن معاني العرفان الإسلامي يقول : حرصت ان أكون بمفردي في طريقي الى لقاء الاحبة ، لكن لاحظت أن هناك من يرافقني في الظلام ؟
تواريت جانبا لاتفادى حضوره، لكنني لم استطع الهرب منه، انه يجعل الغبار يرتفع من الأرض من خطواتي، انه يضيف صوته العالي لكل كلمة الفظها، انه ذاتي الصغيرة يا إلهي
انه لا يعرف الخجل لكنني خجول ان اتي الى بابك بصحبته ،
فالحرص كل الحرص ان يكون الإنسان وحيدا في طريقه لله من دون هذه النفس التي تضخم الانا في كل فعل يقوم به الإنسان ،
وهذه الانا نفسها هي التي لا تشعر بانها أخطأت، بل تطالب الاخرين ان يتغيروا ، فلا يمكن تحسين الأخلاق الا ان ينمو الوعي عند الإنسان ان يتوقف عن نقد الاخرين بل ان يبادر بتحسين اخلاقه .
هناك قصة تنقل ان رجلا رأى صديقه يبحث عن شيء مفقود تحت مصباح الشارع فساله عن الشيء المفقود فقال مفتاحه فسأله اين وقع منك فقال وقع مني في البيت، فاستغرب الرجل فقدته في البيت وتبحث عنه هنا ؟
هذه قصة يضحك عليها الناس ويعتبرون هذا التصرف غير منطقي، ولكنهم يغفلون انهم يفعلون نفس الشيء ، نعيش ضيق وأزمة أحياناً حينما تحدث لنا مشاكل مع الاخرين في الغالب سببها عدم قدرتنا على التكيف مع مواقفنا مع الناس، يفترض أن يعرف الإنسان حدود التعامل مع كل شخص، لكننا بدل ان نقوم نحن بمعالجة الأمر نتوقع من الاخرين ان يحلوا المسالة . نتوقع ان يكون حل مشاكلنا في مكان اخر غير انفسنا .
اذن لابد من ذكر الله كثيرا .. ليحصل لنا الوعي بالتوجه لهذه النفس التي تعيق حركة الروح الى الصلاح والفلاح .(إن أحسن الحسن الخلق الحسن) هذا احد دروس الحسن من مولانا الحسن المجتبى ,
من الواضح ان ملامح الحسن في حياة الإمام المجتبى لا تحصى ولكن ربما يظهر الحسن في حياة الإمام الحسن كأظهر ما يمكن في تلك الفترة والصفحة التي ذكرها اغلب من كتب عن الإمام الحسن من المؤرخين ، وهي صفحة صلحه مع معاوية، وقد وصف الصلح بانه خير للأمة مما طلعت عليه الشمس
الإمام الحسن شبه الصلح مع معاوية بصلح الحديبية الذي اقامه النبي ﷺ مع المشركين . وأنه سار على وفق ما سار عليه جده المصطفى ﷺ ، وهذا يعني أن هناك نقاط التقاء ومشابهة، وأن الأسباب التي أدت إلى إقدام النبي ﷺ هي عينها ما دعت الإمام الحسن أن يقدم على ذلك.
وأن النتائج المترتبة على صلح الحديبية، لابد وأن تكون محصلة من خلال صلح الحسن
ولا يخفى على أحد أن القرآن الكريم سمى صلح الحديبية بأنه الفتح المبين في قوله تعالى”إنا فتحنا لك فتحا مبينا ” .ويفترض ان يكون صلح الإمام الحسن هو أيضاً فتح مبين .فإذاً، نحن بين صلحين وفتحين:
أما ماذا جرى في صلح الحديبية:
بعد مجموعة من المعارك الدامية التي دارت بين رسول الله ﷺ وقريش، وكان آخرها معركة الأحزاب، أو الخندق، أمر الله تعالى نبيه الكريم ﷺ أن يغير الأسلوب والطريقة المتبعة مع قريش، فعوضاً عن المواجهة المسلحة التي كانت بين الطرفين، دعاه سبحانه وتعالى أن يتخذ الطريق السلمي من خلال السعي لإيجاد صلح بينه وبين قريش، ولهذا خرج النبي الأكرم محمد ﷺ قاصداً مكة المكرمة من أجل أداء العمرة، وأخذ معه الهدي.
ما هي الأهداف المرجوة من صلح الحديبية:
أحدها: استطاعت قريش ان تنشر صورة اعلامية لرسول الله ﷺ وللدين انه دين ارهابي لا يحب السلم والامن وانه يقوم بالتصدي للقوافل التجارية لنهبها، وأنه كان يصدّ القاصدين بيت الله الحرام لزيارته، فكان الهدف من صلح الحديبية ان يغير هذا التصور في افهام الناس .
كانت القبائل العربية تعتقد أنه لا يوجد بينها وبين رسول الله(ص) أي نقطة التقاء ولو في بعد عبادي، لهذا سعى رسول الله(ص) من خلال خروجه إلى مكة لأداء العمرة، أن يعرفهم أنه يلتقي وإياهم في نسك الحج والعمرة الذي كانت العرب تعتقد به، لأنه من مواريث الأسلاف.
ثانيها: فرصة اداء مناسك العمرة تعتبر خير وسيلة لتبيلغ الإسلاموتعاليمه، لأن من الطبيعي أن ينتشر أداء نسكهم العمرة بواسطة المتواجدين في مكة لأداء العمرة عندما يعودون إلى بلادهم، فيكون ذلك عاملاً إعلامياً لتبيلغ الإسلامإلى أبعد نقطة ممكنة.
وقد جعل هذا الإقدام من المصطفى ﷺ نحو مكة بأصحابه، قريشاً أمام خيارين لا ثالث لهما:
الأول: القيام بصدّ رسول الله ﷺ وأصحابه عن زيارة البيت الحرام، ورفض طلبه للصلح، وهذا سوف يجعل القبائل تعرف أن قريشاً هي التي كانت تصرّ على الحرب وليس النبي ﷺ وهذا ما لم تكن قريش ترغب فيه، لأنه سوف يفقدها مكانتها في وسط القبائل العربية، فضلاً عن أنه سوف يجعل الناس تميل إلى الرسول ﷺ وربما يقوموا باتباعه.
الثاني: أن تقبل قريش بالصلح الذي جاء يطلبه النبي ﷺ من خلال إقدامه على قصد الكعبة المعظمة معتمراً. وهذا الخيار أيضاً لن يكون في مصلحة قريش أبدأً، لأنها ستكون مضطرة بالالتزام بشروط النبي ﷺ، وهذا ما تحقق في النهاية، حيث رضخت قريش لأن يعقد صلح بين الطرفين ،
نتائج صلح الحديبية:
اولا : ظهر من كان لا يسلم برسالة النبي ﷺ فاعترض عليه ، ظهر من كان يجادل النبي ﷺ في قوله ألست رسول الله فلم نعطي الدنية من ديننا ؟ او قولهم أوفتح هو ؟ وقال أيضاً أولست كنت تحدثنا أننا ناتي البيت ؟ وهو الذي قال والله ما شككت مذ أسلمت إلا يومئذ .
ثانيا : كان هذا الصلح البوابة التي تم من خلالها النفوذ إلى أواسط القبائل العربية، وانكسر الطوق الذي وضعته قريش على رسول الله(ص)، وتم اختراق تلك الأوساط، وبدأ الناس يتعرفون على دعوة رسول الله(ص) عن قرب، وأخذوا يعرفون شخصية محمد(ص) حقاً وحقيقة، وقد أثمر هذا الصلح نصراً مؤزراً.
هذا المعنى بملاحظة عدد الذين جاء بهم النبي ﷺ يوم صلح الحديبية، وعدد الذين جاء بهم بعد سنتين ونصف تقريباً لما نقضت قريش الصلح، وما هذا إلا لأن العديد من العرب قد دخلوا في الإسلام.
وهذا النصر الاعلامي هو الفتح المبين ، نشر المعرفة الحقيقية عن الدين الاسلامي وعن رسول الله ﷺ .. فمن جهة رفع الحصار الإعلامي الفاسد والمضلل والحقيقة المغلوطة والإشاعات عن الإسلام وانتشرت المعرفة الحقيقية .
الان السؤال : ما هو وجه الشبه بين صلح الحديبية وصلح الإمام الحسن ﷺ ، قد نستغرب ان يوصف صلح الإمام الحسن ﷺ بأنه الفتح المبين لان التاريخ صورها انها فترة مظلمة استلم الإمام الحسن ﷺ فيها أمة ملت من الحروب وتكاسلت عن الجهاد وقال فيها أميرالمؤمنين :”اللهم إني مللتهم وملوني ” ، وكان معاوية متكالب على الحرب للسيطرة على الامة الاسلامية ، فاضطر الإمام الحسن ﷺ الى عقد الصلح ليحفظ الثلة المؤمنة من القتل .
ثم بعد ذلك كما يقول المؤرخون لم يجف الحبر من معاهدة الصلح حتى مزقه معاوية وقال ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا، ولكن لاتأمر عليكم .. فخدع بذلك الإمام بجعله يتنازل عن خلافة المسلمين بهذه الطريقة ،
هنا وقفة لنقول ان هذا التصور خاطئ، التاريخ بهذه الصياغة يفرض علينا سؤال : إذا الأمور استقرت بهذا الشكل لمعاوية لماذا كان حريصا على قتل الإمام الحسن ﷺ بعدة محاولات. فاي حاجة للسعي لقتله ؟ لابد ان الاوضاع كانت بعكس ما يتمنى معاوية حتى دس للامام السم . وهذا يعني أن هناك صفحات غير واضحة في التاريخ ،
والسؤال الاهم : اين هو الفتح ؟ وهل يعقل ان يكون معنى الفتح ، ان يظهر الإمام بشكل المخدوع المغلوب على امره ، وانه يريد فقط حفظ جماعة قليلة بينما الوجود الاسلامي كله تحت يد معاوية ؟ في الواقع هذا التصور ظلم بحق الإمام ص . ثم عدم وجود تفسير لتشبيه الصلح بصلح الحديبية .
واقع عصر الإمام الحسن ﷺ ان حال معاوية لم يختلف عن أسلافه، فكما كان أسلافه يعمدون إلى التضليل الإعلامي، واستخدام الاشاعات الكاذبة، وتقديم الحقائق المغلوطة، فقد كان معاوية يستخدم ذلك وبنفس الأسلوب في حق أميرالمؤمنين(ع)، وقد تمكن من إنشاء إعلام كاذب يفسر حرب الجمل وصفين للناس بأن عليا رجل يطلب الدنيا، ويسعى للملك، وأنه الذي قام بقتل عثمان، وأنه مفسد في دين النبي ﷺ ولذا هو يستحق اللعن على المنابر
وقد استفاد معاوية كثيراً من هذا الإعلام، وكما تمكن أبوه أن يوجد عزلة بين رسول الله ﷺ والقبائل العربية، تمكن معاوية أيضاً أن يوجد عزلة بين أهل الشام ومن تابعه وأميرالمؤمنين ﷺ
وقد كان مشروع أميرالمؤمنين(ع) الإصلاحي هو رفع مستوى وعي الأمة المعرفي، ببيان أن المنهج الذي يتبع هو سيرة رسول الله ﷺ وليس سيرة الشيخين، التي فيها من المخالفات والاجتهادات البعيدة عما جاء به المصطفى ﷺ وبسبب شهادة أميرالمؤمنين لم يكتب لمشروعه الإصلاحي الاستمرار، حيث توقف .
لذلك سعى الإمام الحسن بعناية خاصة لإكمال مشروع أميرالمؤمنين وهناك عقبتين امام الإمام تمنعان من تحقيق هذا المشروع:
الأولى: حالة الانشقاق التي أصبحت فيها الأمة، بعد بيعة أميرالمؤمنين والنفوس بعد هذه الحروب ..
الثانية: الإعلام الفاسد الذي كان يبثه معاوية وجلاوزته في أوساط الأمة لتشويه صورة أميرالمؤمنين
الإمام الحسن بصلحه مع معاوية استثمر الموقف كما صنع جده المصطفى ﷺ يوم الحديبية، فيقوم بقلب الموقف على معاوية كما قلب جده المصطفى الموقف بالأمس على أبي سفيان، ليجعل معاوية في زاوية ضيقة كما جعل النبي ﷺ أبا سفيان فيها، وما حدث من خلال الصلح :
اولا : تحقق الأمن والأمان للناس ، فالسلاح الذي يستعمله معاوية عادة وهو ترهيب الناس ، غير مسموح له باستعماله ، والا سيظهر امام العالم بانه الرافض لحالة السلم والامان ،
ثانيا : اختراق طوق الإعلام الفاسد والمضلل للأمة، وكسره وتجاوزه، والوصول إلى الشام والشاميـين وتعريفهم الحقائق الخفية عليهم، والمخفية عنهم.
ثالثا : اصحاب الإمام صاروا في امان من مطاردة سلطة معاوية فكان مجال نشر الفكر العلوي مفتوح وميسر .
رابعا : رفع اللعن عن أميرالمؤمنين على منابر الشام خلال هذه الفترة ، وهذا ساهم في كشف الضلال عن أهل الشام ، فاتضح لأهل الشام انه إذا كان غير مستحق للعن فلم كان يلعنه طوال الفترة السابقة ؟ وان كان مستحقا للعن فكيف يرفعه الان ؟
لذلك لو نتامل في كتب التاريخ ان بداية امامة الإمام الحسن بعد شهادة أميرالمؤمنين سنة 40 للهجرة ، والصلح تم في سنة 41 واستشهد الإمام سنة 50 للهجرة . نلاحظ وجود فترة ساكنة من 41 الى 50 ، لم يتحدث التاريخ عن وجود حرب او مطاردة او قتل ، لان شهادة حجر بن عدي 51 ، ومطاردة اصحاب الإمام كلها تمت في الفترة بعد شهادة الإمام الحسن ،
كذلك نلاحظ بعض المحاورات الغريبة مثلا تواجد الإمام الحسن مع معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وان الناس مثلا يقولون لمعاوية هذا الحسن كما قلت لنا انه عيي في الكلام فدعه يتحدث لنسمعه ، فييبدا الحديث ويظهر مثالب معاوية واصحابه ،
او نجد محاورات بين معاوية واصحاب أميرالمؤمنين ، ومنهم نساء وانهم يظهرون فضائل أميرالمؤمنين في بلاط معاوية ، وانهم كانوا ياتون اليه يشكون من الولاة ، وانه كان يعطيهم ما يطلبون من المال ، بحيث لا نجد لها تفسير وفق الخريطة الموضوعة للتاريخ ، اذا كان معاوية يطارد الشيعة قبل الصلح وبعده ،
فمن الواضح ان هذه الأحداث تمت خلال فترة الصلح وانتعاش المستوى المعرفي عند الناس .. بل والمفاجأة حينما يظهر لنا ان كلمة معاوية ما قاتلتكم .. واعلان نقض بنود صلح الحسن قالها بعد شهادة الإمام ، وكانه ظهر له واقع ان بنود الصلح ثقيلة عليه وتقيده لذا سعى للتخلص من الإمام ليخلي نفسه ، فرفع المستوى الاعلامي صار امرا يقلق معاوية ، فعندما أفاق معاوية من سكرة النصر المزيف، ووجد نفسه وقع في حبال صعبة، طوقها بها الإمام الحسن وانتصر عليه، وأظهر إليه أنه أقوى من حنكة ودراية في السياسة.
لذلك صمم معاوية ان يتخلص من الإمام الحسن
إنا لله وإنا إليه راجعون
زر الذهاب إلى الأعلى