الكرامة الحسينية

العقيلة زينب عليها السلام .. الصبر الجميل (٢) – ٣ صفر ١٤٤٤

العقيلة زينب عليها السلام .. الصبر الجميل (٢) – ٣ صفر ١٤٤٤

عناصر الحديث

  العقيلة زينب كتاب جدير أن يرى النور في سلوكنا وأفكارنا ومواقفنا.

  قوله تعالى ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) ينص على إمامة التبليغ،

وقوله تعالى (واجعلنا للمتقين إماما)، ينص على الإمامة في المستوى الانساني العادي.

  شروط الإمامة الصبر واليقين

  معنى الصبر ودرجاته

  الصبر الجميل هو الصبر المتلازم لليقين

  معنى اليقين ودرجاته

قال تعالى( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )

السلام على القلب الصبور واللسان الشكور، الكلام عن السيدة زينب صعب مستصعب لأنه كلام عن تمثل القيم الإنسانية والسمو الروحي النفسي على أرض الواقع، التميز الذي كان لللعقيلة زينب أن تاريخها يستقرأ من خاتمته، فالمرأة التي تستطيع ان تؤدي ذاك الدور في مشاهد كربلاء بفصولها الحزينة، لابد أن لها زخماً ومخزوناً نفسياً وفيراً من الإيمان والثبات،

   

ومن يعرف العقيلة زينب يرى كم هو الفرق بين أن يتزين الإنسان بزينة خارجية وبين أن يتزين بزينة داخلية، أن تكون الروح هي التي تزيّن الإنسان، حب الزينة مطلوب، ولكن القرآن يحدد أن كل ما على الأرض إنما هو زينة الأرض “إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها بينما يقول ” حبب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم “. وحينما تكون السيدة زينب زين أبيها يعني هي زين الإيمان كله، فهي كتلة مبادئ إيمانية تتحرك تعلمنا كيف يكون الإنسان في أجمل صورة.

وحينما يقول قال الإمام الصادق : “اعربوا كلامنا فنحن قوم فصحاء “، فهي يدعو إلى الدقة في قراءة حديثهم صلوات الله عليهم، ويمكن أن تفهم الرواية بشكل أن (أعربوا كلامنا) أي اجعلوا له موقعاً من الإعراب في حياتكم، ونحن أمام علياء السيدة زينب نحتاج أن نعرب حياتها ، حياتها كتاب قرأناه وحفظناه، ولكن ينبغي أن نعربه، أي أن نرى موقعه من الإعراب في حياتنا، العقيلة زينب كتاب جدير أن يرى النور في سلوكنا وأفكارنا ومواقفنا .

لذلك حينما يكون هناك تركيز على أهمية زيارة المعصوم في حياة الموالي فهو من جهة أن كثرة الزيارة ومطالعة السيرة تجعل الإنسان يعيش واقع المزور في حركاته، وسكناته، ويتمثله في واقعه هو .

قال تعالى( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )

الآية تتحدث عن أنبياء بني اسرائيل، وهم أبناء اسحق ابن ابراهيم ، فتقول أن الله قد جعل منهم أئمة، استمراراً لجعل ابراهيم قبل ذلك إماما بعد تجاوز العديد من الابتلاءات فاستحق أن يرتقي به الله تعالى الى مقام الإمامة وهذا يعني أن الإمامة مقام فوق النبوة،

وحينما يقول القرآن عن أمنية ابراهيم في استمرار الإمامة في ذريته ( وجعلناها كلمة باقية في عقبه) فهو عهد من الله بذلك، فالإمامة باقية في ذرية ابراهيم سواء من جهة اسحق من خلال أنبياء بني إسرائيل، أو من جهة اسماعيل . وهو لم يتحقق إلا في الائمة الاثنا عشر من ذرية النبي، وتمثل هذه الآية أحد أدلة إمامة أهل البيت في القرآن الكريم.

   

في هذه الآية عدة وقفات،

الأوّلى: (( وَجَعَلنَا)) .. فالآية تتحدث عن أصل الإمامة، وتضع قاعدة لها كمثال في هذه الآية في إمامة عدد من أئمّة بني إسرائيل، ومن هم في عقب إبراهيم ،  فتقول أنه لا يصحّ فيهم جعل البشر، بل لا بدّ فيهم من جعل الله تعالى. فالإمامة أمر مجعول من الله تعالى، لا من السقيفة!

الثانية: (( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً )) .. و(من) هنا للتبعيض؛ فالذين يصلحون لهذا المنصب الإلهي هم: بعض المؤمنين وبعض الرسل، وليسوا كلّهم،

الثالثة: ذكرت الآية شرطين للإمامة، أحدهما: الصبر والاستقامة والصمود والثاني: الإيمان واليقين بآيات الله عزّ وجلّ،

فالحديث هنا عن الإمامة الإلهية التي هي وظيفة تبليغية من الله تعالى، ولكن هناك آية تتحدث عن الإمامة بمعنى القدوة في أوساط المؤمنين،

يذكر القرآن في وصف المؤمنين:” والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامايدل على الحث على سعي المؤمنين أن يكونوا أئمة للمتقين.

السيد الطباطبائي يذكر في تفسير الآية : قوله: ” واجعلنا للمتقين إماما ” أي متسابقين إلى الخيرات سابقين إلى رحمتك فيتبعنا غيرنا من المتقين استجابة لقول الله تعالى ” فاستبقوا الخيرات البقرة: 148، و” سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة الحديد: 21، ووالسابقون السابقون أولئك المقربون الواقعة: 11.وكأن المراد أن يكونوا صفا واحدا متقدما على غيرهم من المتقين ولذا جئ بالإمام بلفظ الافراد.

فالآية من الايات الجميلة التي تحدد مقياس للإمامة في الدين على المستوى الإنساني العادي، ليس بالضرورة أن يكون نبياً أو إماماً معصوماً، بل بمعنى المسارعة والمسابقة إلى مرضات الله تعالى ، والتقدم على سائر المؤمنين، إمام يعني أن يكون لسان صدق لله تعالى لسائر البشر.

روي عن رسول الله ” قال الله عز وجل: ما تقرب إلي عبد بشئ أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته، وإن سألني أعطيته، وهذا معنى ان يكون الإنسان إماما في حياته، يعني أن يكون لساناً ناطقاً لله تعالى ،

ولا شك، فالجميع يحتاج أن تكون لنا هذه النعمة، وهذا المقام على الأقل في بيوتهم، أن يكون صوتاً مسموعاً لله تعالى، وكأن الله عز وجل يتحدث للناس عن طريقه، صوتاً إلهياً ينفذ إلى قلوب الناس، فحينما ينصح أو يأمر بالمعروف يؤخذ بقوله، ولا يستخف بكلامه، نعم، لا شك أن هناك استثناءات، فليس كل من يأمر بالمعروف يؤخذ بقوله.

الآية الكريمة ذكرت شرطين للإمامة، اليقين بآيات الله عزّ وجلّ، والصبر والاستقامة وهناك تلازم واضح بينهما، فمن صبر وأيقن أي تألقت فيه المعرفة والصبر صار إماماً، وتقدم الصبر على اليقين باعتبار أنه رأس الإيمان، وكلما زاد اليقين أكثر كلما زاد الصبر أكثر وصار صبراً جميلا.

بشكل عام الآية تبين أن الله يصطفي من يتقرب إليه فيجعله يتحدث باسمه، وكما أننا مأمورون أن ندعو (واجعلنا للمتقين إمامافالله تعالى بيّن سبيل هذه الإمامة بتكميل القوة العملية من خلال: الصبر  ( لما صبروا )، وكذلك بتكميل القوة العلمية ( وكانوا بآياتنا يوقنون ) 

أمّا الصبر فهو في اللغة: الذي يعني حبس النفس عن الجزع والضعف، وهي مقولة نسبية متفاوتة المراتب، أو مشكّكة بالتعبير المنطقي، أي مقام له درجات، وبقدر الصبر يرتقي الإنسان درجات الإمامة، من الكمال الإنساني، إلى درجة كبار الأنبياء والأئمّة أن تكون عوالم الكون في قبضة يدهم فالصبر ما دام حبس النفس عن الضعف يكون من معانيه، حبس النفس أن تضعف أمام شهوة، أمام شيء مادي ، وهذا يعني أن أرقى درجات الصبر أن لا يتعلق قلب الإنسان بالدنيا أبدا،

ثم يرتقي الصبر بحيث يكون حبس النفس عن التعلق بنعيم الآخرة ، ليكون هدفه رضوان الله تعالى فقط، بحيث يفرّغ نفسه وروحه لله تعالى دون أن يكون له فيه شريك، ويصل إلى درجة العبد المطلق..(إنّ الله تعالى لا يقبل الشريك)، ولا يصحّ أن تكون الدنيا ولا حتى الآخرة شريكاً له في نفس العبد المطلق. وكما قال النبيّ : (إنّ الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة ظلماء).

ومن مصاديق التوحيد كذلك ألا يخاف الإنسان من شيء إلا الله، وقد قال النبيّ لعليّ : (يا عليّ, من خاف الله عزّ وجلّ خاف منه كلّ شيء, ومن لم يخف الله عزّ وجلّ أخافه الله من كلّ شيء ) وهذه العبودية هي التي قالوا عنها: (العبودية جوهرة كنهها الربوبية)، أي: ربوبية للأشياء بالله تعالى.

وهذه هي النتيجة التي ينتهي إليها الصبر، بمقدار العبودية المتجلية من خلال الصبر يكون الإنسان لسان الله يخاطب به العباد، إلى أرقى درجات العبودية في مولانا الحجة المهدي عج ، الذي لاشك أن صبره لا يشبه صبر أحد من الناس، بسبب سعة علمه، وعمق قلبه، وهو يرى كلّ مظالم العالم وجناياته، وقد رأى مظالم جدّه النبيّ وأجداده الطاهرين أمام عينيه، والمآسي التي خلفتها على مر الأجيال، وهو في ذلك يعيش حياته بقلب جدّه أمير المؤمنين ، الذي لا يتحمّل أن يسلب نملة جلب شعيرة, حتّى لو أُعطي مقابلها الأقانيم السبعة بما تحت أفلاكها.. والذي عنده الموت أهون من أن يرى امرأة مسلمة أو ذمّية تسلب حليّها، ولا يستطيع أن يدافع عنها.

فأيّ صبر هو صبر الإمام المهدي أرواحنا فداه؟! (( وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا )) هذا هو الصبر المطلق الذي يوصل إلى الإمامة المطلقة.

فالإنسان بمقدار درجة العبودية في النفس يتحصل درجة ومرتبة في نصرة مولانا صاحب العصر والزمان. وما أحلاه من مقام ينبغي أن تتوجه إليه الأماني والقلوب. أن يكون الإنسان جندياً لمولاه صاحب العصر والزمان،

أما اليقين : ففي ثقافة القرآن الكريم، فإن كل شيء له ظاهر وله باطن، والناس العاديون لا يرون وفق حواسهم الظاهرية إلا الظاهر، كشكل الشمس وشكل القمر والسماء، وهو ما يطلق عليه القران عالم الملك الذي يطلع الناس على ظاهره، ولكن ذاك الولي من أولياء الله تعالى الذي وهبه الله تعالى البصيرة ونور القلب، حينما يقف أمام الشمس والقمر وكأن هناك لغة قلبية يتحدث بها إلى الله من خلال هذه النظرة، هذا ما يسمى التعامل مع عالم الملكوت .

فالملكوت هو وجود الأشياء، ولكن لا أي وجود، ولا أي خلق، بل هو الوجود والخلق المرتبط بالله وانتسابه إليه جل وعلا، لذلك يقول السيد الطباطبائي أن النظر إلى الملكوت يهدي الإنسان إلى التوحيد هداية قطعية بعكس النظر في الملك الذي لا يهدف في أغلب الأحيان إلى أكثر من المتعة او استخلاص معلومات فلكية دنيوية

   

وهذه الإراءة القلبية من الله لعبده المؤمن من أجل هدف هو الوصول إلى مقام اليقين (وليكون من الموقنين )

   

درجة علم اليقين يمكن تمثيلها بمن يشاهد الدخان أمامه، فيعرف أن هناك نار، لأن العقل يقول (لكل أثر مؤثر ولكل سبب مسبب)، ولكل معلول علة، هذه الدرجة الأولى من اليقين التي يطلق عليها علم اليقين وتعني الاستدلال بالأثر على المؤثر، وهذه الدرجة من اليقين موجودة عند أغلب الناس فالناس تستدل على وجود الله بالمخلوقات، وتقول أن آثار السير تدل على المسير أفسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدلان على اللطيف الخبير؟ هذه الدرجة الأولى من اليقين: استدلال بالخلق على الخالق .

أما الدرجة الثانية وهي عين اليقين حينما يرى الشيء بذاته وليس فقط أثره، في تلك المرحلة رأى الدخان واستدل به على النار ، ولكن في الدرجة الثانية رأى النار مشتعلة أمامه وأحس بحرارتها، وليس فقط الدخان، هذا يسمى عين اليقين ،

   

أما الـدرجة الأعلى والتي تخص الأنبياء والأولياء، أنه لا فقط يرى أثر النار ولا حتى النار ولكن حينما ينصهر جسمه بالنار ويصبح نارياً، فيفنى ولا يبقى لوجوده وجوداً ظاهرياً ، فيترقى علمه بالنار إلى أرقى درجة بحيث فنى وجوده.

في سورة التكاثر بعد ان يشرح القرآن حال الإنسان بأنه لاهي بالتكثير في حياته باللهو واللعب والتفاخر، يقول (كلاّ سوف تعلمون) وهو لاشك تعبير موجع. وسوط مدوّي. يتكرر ثلاث مرات: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ . ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ . كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ}.كلا، أداة ردع ونفي، الله سبحانه وتعالى ينفي أن يكون الهدف من خلق الإنسان جمع الدرهم والدينار، فيقول{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} {أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى} بلا حساب، كلا..  وسوف تعلمون عاجلاً نتيجة هذا التكاثر الموهوم.

فهذه الـ (سوف ) للمستقبل ، ويا حبذا لو يعلم الآن ، علم اليقين ، لو يعلم الحقيقة كاملة ، لو يعلم حجمنا الحقيقي ، لو يعلم المهمة التي خُلقنا من أجلها ، لو يعلم كم عند الله من خير ، كم عنده من سعادة ، كم عنده من عذاب أليم لمن عصاه وظلم نفسه ،

كم رأى الإنسان الموت يفترس أحباءه الواحد بعد الآخر، فالغريب أن لا يهزه هذا الحدث ويعود في الغالب إلى سالف عهده .

ونفس هذا الإنسان يدأب أن ينبه أولاده الغافلين بلهوهم ولعبهم عن امتحانهم القادم، لكنه يغفل عن مستقبل حياته الذي يلفته إليه القران دائما،   

الناس في الدنيا مخيرون ، إما أن يعرفوا هذه الحقيقة أو يتجاهلوها، من عرفها فهنيئاً له ، وإن كابر وتجاهل الحقائق ، ووضع رأسه في الرمال فسوف يعلم الحقيقة ، وهناك ستكون معرفة الحقيقة حسرةً في قلبه ، كلا سوف تعلمون .

(كلا لو تعلمون علم اليقين). «اليقين» مقابل «الشك»، كما إنّ «العلم» يقابل «الجهل»، واليقين يعني وضوح الشيء وثبوته. ويستفاد من الرّوايات أنّ اليقين هو أعلى مراحل الإيمان. الإمام الباقر يقول: «ولم يقسم بين النّاس شيء أقل من اليقين». ويسأل الراوي : ما هو اليقين؟ فيقول: «التوكل على اللّه، والتسليم للّه، والرضا بقضاء اللّه، والتفويض إلى اللّه!».فمقام اليقين أعلى من مقام الإيمان والإسلام

لو تعلمون علم اليقين : علم اليقين أي علم حتمي، ولكن بدرجة أقل من الرؤية ، فهو علم مؤكد حتى كأنه يراه، كمن يعلم بأنّ في النصف الآخر من الأرض نهار، ويعلم بأنّ هناك جموع من الناس في بيت الله مع أنه لا يراهم.

وكذلك فإن الذي يقرب النار من البنزين ، يعرف أن هذا بنزين ، وتلك نار  سوف تشتعل، بالتالي يتوقع توقعاً حتمياً جازماً أن حريقاً سينشب ، هذا علم اليقين، علم الاستدلال .من شيء نتوصل إلى حقيقة معينة .

{كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ يعني إذا كان عندكم العلم الحقيقي، أي العلم الواقعي، العلم الذي لا يشوبه شك. لو أن أحدنا يطلع على دقة الحساب يوم القيامة ، يطلع على أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئاً ، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ).لو بلغ يقين الإنسان هذه الدرجة لرأى أن كل معصية جحيماً وكل مخالفة ناراً محرقةً ، هذا الذي يأكل أموال اليتامى إنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى جحيماً ، هذا الذي لا يصلي هو الآن يحترق فالمسألة تكمن في عدم وجود علم اليقين في حياته .

  

(ثمّ لترونها عين اليقين، تأكيد لرؤيتها، درجة أخرى من الرؤية وهذه مشاهدة واقعية تُرى يوم القيامة، يؤتى بها تُجر بسبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف ملك، فما ظننا بهذه النار ـ والعياذ بالله ـ. 

فالآية أشارت إلى مرحلتين من اليقين هي علم اليقين وعين اليقين والآية (95) من سورة الواقعة: أشارت إلى مرتبة حق اليقين (إنّ هذا لهو حق اليقين إذن هناك :

1 ـ علم اليقين: وهو الذي يحصل للإنسان عند مشاهدته الدلائل المختلفة، كأن يشاهد دخاناً فيعلم علم اليقين أن هناك ناراً.

2 ـ عين اليقين: وهو يحصل حين يصل الإنسان إلى درجة المشاهدة كأن يرى بعينه مثلاً النّار.

3 ـ حقّ اليقين: وهو كأن يدخل الإنسان النّار بنفسه ويحسّ بحرارتها، ويتصف بصفاتها. وهذه أعلى مراحل اليقين.

ذكر عند النّبي أنّ بعض أصحاب عيسى كان يمشي على الماء فقال : «لو كان يقينه أشدّ من ذلك لمشى على الهواء» فالحديث يشير إلى أنّ الأمر يدور مدار اليقين باللّه سبحانه، فإلى أي مبلغ بلغ ركون الإنسان إلى القدرة المطلقة الإلهية، انقادت له الأشياء على قدره.

ونحن في هذه الأيام، ذكرى دخول الشام، تتجلى لنا عظمة السيدة زينب التي امتلكت الصبر الذي قلبت واقع الأمة به، وحولت النصر الذي تخيله الطاغية إلى خزي وعار، وامتلكت اليقين الذي رأت به الجميل من وراء كل عذابات كربلاء،

رأت كيف أن قبر الحسين وهو ملقى مقطع الأوداج، وقد داسته سنابك الخيل، سوف يكون مناراً للإيمان،

فالسلام على القلب الصبور، واللسان الشكور، السلام على مولاتي العقيلة زينب ورحمة الله وبركاته

                                                                والحمد لله رب العالمين

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى