وكلُّ حيٍّ سالكٌ سبيلِ مشكلة عدم الشعور بالحاجة للدين – ٧ محرم
عناصر الحديث
▪️من اسباب الغفلة عن الحق عدم الشعور بالحاجة الى الدين
▪️هل الدين حاجة ام تكليف ؟
▪️اقوال الماديين في ان الدين من اختراع الإنسان
▪️ردود الالهيين على تلك الاقوال
السَّلامُ عَلَيكَ أيَّها العَبـدُ الصالِحِ المُطيعُ لله ولرسُولِهِ ولأَميرِ المؤمِنين والحَسَن والحُسـينِ ، اشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لسبط النبي المرسل، فَجَمَعَ اللهُ بينَنا وبينَك وبين رسُوله وأوليائهِ في منازِل المخُبتين ، فإنّه أرحم الراحمين .
ورد عن الإمام زين العابدين : رَحِمَ اللَّهُ عمي العَبّاسَ! فَلَقَد آثَرَ وأبلى وفَدى أخاهُ بِنَفسِهِ حَتّى قُطِعَت يَداهُ، فَأَبدَلَهُ اللَّهُ عزّ وجلّ بِهِما جَناحَينِ يَطيرُ بِهِما مَعَ المَلائِكَةِ فِي الجَنَّةِ ، كَما جَعَلَ لِجَعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ، وإنَّ لِلعَبّاسِ عِندَ اللَّهِ تَبارَكَ وتَعالى مَنزِلَةً يَغبِطُهُ بِها جَميعُ الشُّهَداءِ يَومَ القِيامَةِ
قال الله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)
من المسلّم أن من خان بيعة أمير المؤمنين في السقيفة في المدينة، ومن خان عهد مسلم بن عقيل والإمام الحسين في الكوفة، كانوا مسلمين، ولكنهم اتخذوا هذا الموقف نتيجة خلل في ترتيب الأولويات، وكان الدين هو آخر تلك الاولويات، ليس رفضا له، ولكنهم كانوا لا يشعرون بحاجتهم للدين.
فالناس بعد وفاة رسول الله ﷺ غلّبوا العصبيات القبلية على عهد النبي الأعظم ﷺ ، والناس في الكوفة غلّبوا المصالح الشخصية، ورأوا أن الحسين ليس إلا سلطان مقابل ابن زياد فكان موقفهم يحكي مقولة (ما لنا والدخول مع السلاطين)، والناس الذين تخلفوا عن الإمام الحسين قد غلّبوا رأيهم على رأي الإمام حينما قرروا بأنه ليس من المصلحة الخروج الى الكوفة. فالمسألة عند الناس كانت بمثابة تحديد أولويات يقررها الإنسان نفسه حسب رؤيته الشخصية بعيدا عن الشريعة والتكليف.
وفي دنيا البشر رأينا ونرى من كان زوج، أو معلم، أو وزير شغلته الدنيا فكانت أولويات حياته هي مصلحته، هو معك ما دام تحقق له مصلحته وسوف ينسحب من حياتك وتنطفئ العلاقة إذا لم يجد عندك المنفعة التي يرتجيها.
وهذا التوجه والرؤية مع الناس يسريها البعض في علاقته حتى مع الله تعالى، ما دامت مصالحة متعلقة بالله سيقول يارب، وبمجرد أن يستلم النعمة سوف يترك الله، ولا يرجع ثانية إلا مع أول احتياج . وهذا المعنى يقرره القران الكريم كثيرا من خلال آياته كقوله تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ) أو قوله تعالى (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض) .. لأن أولوياته هي في محيط الدنيا، وليس هناك لديه حاجة فعلية للدين.
وفي دنيا البشر أيضاً، هناك من كانت أولوياتهم مزاجهم النفسي، وراحتهم الشخصية، يحترمون الناس، بل حتى والديهم ماداموا في حدود راحتهم وسعادتهم، فإذا تجاوزوا تلك الحدود وبدأوا في طلب خدمات تقدم لهم تتغير المعاملة، ولقد رأينا شباب حديثي الزواج قد أنعم الله عليهم بأطفال كالورد ، يتركونهم لقضاء مشاوير مع العاملة في المنزل ويطلقون عليها مسمى الأم الثانية، فراراً من ثقل المسئولية، رغم أن لسان الدين هو (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). لكن اختلاف الأولويات له دور في سلوك البعض. لذلك أحد أهم أسباب عدم اختيار الإنسان للحق هو أن الدين ليس ضمن أولوياته لعدم الحاجة إليه.
أغلبنا رأى منظر حامل شعلة الدورة الأولمبية، ومنظره وهو يجري بسرعة وهمه أن يحافظ ويبقي الشعلة لا يسقط بها ، ويجري بها ليسلمها لمسئول الدورة الجديدة لتبدأ البطولة ،
هذا المنظر جدير أن يجعلنا نتساءل ما هو الشيء الذي هو بدرجة الشعلة في حياتنا ؟
بحيث نرتب حياتنا كلها عليه ونخاف أن تنطفئ؟
نجري بها ونضحي بكل شيء في سبيل الحفاظ على الشعلة لنوصلها إلى نهاية الطريق ؟
الماديون أو اللادينيون يرجعون أصل الدين إلى جهل أو خوف الإنسان في الزمن القديم ، يرون أن أصل الدين من اختراع الإنسان حينما كان في العصور القديمة يخاف من الظلام مثلاً، أو من ظواهر الطبيعة مثل منظر البرق أو الصواعق، أو صوت الرعد الذي يدخل الرهبة في القلوب، وظلمة البحر وهدير أمواجه المتلاطمة، أو من الحيوانات المخيفة، فيبحث عن قوة يلجا إليها لتحميه وتساعده، وظن أن هناك قوة غيبية وراء ذلك كله، فسماها الدين ولجأ إليها لترفع عنه ذلك الخوف ..
أو أن الدين هو نتيجة جهل البشر؛ فالإنسان بطبعه، يميل إلى معرفة العلل والقوانين الحاكمة في الكون، وفي حوادثه، وحينما لم يعرفها، فقد نسبها لما وراء الطبيعة. ومن هنا، فقد اختلق الدين في حياته.
ويكمل اللادينيون نظريتهم في الدين فيرون أن الإنسان في هذا العصر الذي تقدمت فيه التكنولوجيا لتضع كل العالم بين يد الإنسان في جهاز صغير . فلا يوجد ما يخافه فكل شيء صار يعالجه العلم ووضع معظم الاشياء تحت السيطرة، فالمصابيح يمكنها أن ترفع وتكشف الظلام، وقوة الأسلحة المتطورة يمكنها أن ترفع الخوف من الحيوانات، والعلم الان صار يكشف ما كان يسميه الإنسان مجهول شيئاً فشيئا، بالتالي، فالإنسان في فترة قد اختلق الدين واليوم له عدم حاجته له.
ويقدم أولئك دليلاً على كلامهم أن حياة الإنسان اليوم تثبت أنه يستطيع أن يعيش دون دين، ففي الاغلب الدين شكلي ل أثر له في قراراتهم أو عملهم، فالناس يعيشون بشكل طبيعي بدون الدين في الأغلب، ببرنامج يومي يبدأ صباحاً بالاستعانة بالوسائل الطبيعية، والإنسان في المنطقة المسلمة في برنامجه اليومي يشبه نفس الإنسان في اليابان، أو في فرنسا مثلاً ..
فهل الصلاة هي ما يشكل الفرق ؟ الصلاة في الغالب ليست أكثر من تقليد تعوّد عليه أغلب المسلمين بحيث لو تعودوا أن لا يصلوا لن تختلف حياتهم كثيراً .
في المقابل يتمسك أصحاب الأديان بفكرة ضرورة وجود الدين في حياة الإنسان بنقطتين : الأولى: متعلقة بالله تعالى وهو دليل حكمة الله:
ففي مرحلة سابقة توصل العقل إلى أن خالق هذا العالم مبدع، ومتصف بالكمال، وهو العليم القدير الخبير، والاّ لن يكون هذا الكون بهذه الدرجة من الدقة والجمال، والاّ كان سينفجر هذا العالم خلال ثانية، فهو تعالى عز وجل عليم، وحكيم، وخبير،
ثم يأتي السؤال: هل من الحكمة أن يخلقنا ويتركنا؟ أم من الحكمة أن يتصل بنا ويخبرنا أموراً عن نفسه، وأموراً مفيدة لنا في حياتنا؟
وعن أمور ضارة في حياتنا لنبتعد عنها ؟
لا شك أنه ليس من الحكمة أن يخلقنا الله تعالى ويتركنا في الدنيا لنتخبط فيها،
لا يمكن أن يعطي الله تعالى الإنسان حب الملكية، ثم لا ينظم هذه الغريزة، ويعلمه كيف يكسب أمور حياته، حتى لا يتجه للسرقة. ويعتدي على ملكية الآخرين،
لا يمكن أن الله تعالى يعطي الإنسان غرائز ثم لا يرشده إلى كيفية استعمالها لئلا يقع في الحرام،
لا شك أن عدم وجود هذه التعليمات يمكن أن يجعل العالم غابة، خالية من النظام،
بالتالي ، فإن الحكيم الذي خلق هذا العالم لابد أن يتواصل معنا،
كيف يتواصل معنا؟
الطريقة المثلى أن يبعث أحسن شخص من البشر، يكون بمستوى الكتاب الذي سوف يرسله باعتبار أن ذلك الكتاب ليس مجرد كلمات من حروف وألفاظ، لأنها كلمات الله عز وجل،
هذه هي قصة الدين، لأن الله حكيم لم يترك الخلق يتخبطون،
وحينما ارسل لهم من يرشدهم، لم يرسل أبا جهل، بل أرسل الصادق الأمين.
أما الدليل الثاني لضرورة الدين: فهو متعلق بالإنسان نفسه:
كما ان مع شراء أي جهاز كهربائي أو إلكتروني، يرفق معه دفتر تعليمات وهو ضروري لمعرفة تشغيل الجهاز ، ونرى ذلك في الصناعات الإنسانية أن كل جهاز له دفتر تعليمات خاص يبين طريقة تشغيله.
ولا شك أن أعظم جهاز في هذا العالم هو الذي صنع هذه الأجهزة وهو الإنسان، فلابد من دفتر تعليمات لتنظيم أحواله، ولن يكون ذلك الدفتر غير الرسالات الإلهية وهو الدين ،
إذاً، دليل الدين هو حكمة الله، ثم حاجة الإنسان لتنظيم أصول حياته، وإلا، فالفروع يمكن أن ينظمها بنفسه مثل قوانين المرور، وتنظيم المدن،
وهنا تعليق للماديين حول الدليل الثاني:
حتى إذا قلتم بحاجة الإنسان لوجود الدين كضرورة وجود كتالوج للثلاجة، فهو أمر لا يمكن إنكاره، ولكن في الغالب تقتصر هذه الحاجة لأول جهاز ثلاجة تم صنعه، ولكن بعد مرور الزمن، ولكون جهاز الثلاجة هو هو منذ أول صناعة، فنحن في الغالب، لا نتوجه لدفتر التعليمات عند شراء ثلاجة جديدة، لأن طريقة استخدامها معروفة.
والإنسان هو هو منذ قديم الزمان، فالدين ما هو إلا تعليمات قديمة كان يحتاجها الإنسان الأول حينما جاء الدين ليرتب له حياته، واليوم بعد تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لا يمكن تخيل أن كتاباً نزل قبل 1400 سنة، حينما كان يسكن الإنسان في الصحراء، يمكن أن يطبق تعاليمه اليوم حينما صار الإنسان يسكن ناطحات السحاب، ويتحدث مع الناس بالصوت والصورة، في أي لحظة ، وفي أي مكان في العالم،
مضافاً إلى أن الإنسان يرى نفسه لا يفهم الكتب الدينية بسبب أسلوبها القديم، فلم يعد المسلمون يقرأونها إلا تبركا .. وطلباً للثواب ..
وهذا قد يبدو إشكالاً قوياً أمام المسلمين أصحاب الدين، لكن اجابات المدافعين عن وجود الدين أيضاً قوية:
فإن أهم إشكال هو السؤال : هل للدين مرحلة زمنية معينة؟ بحيث إذا مرّت، وانقضت فسوف ينقضي عمر الدين أيضاً؟
أم ليس الأمر كذلك؛ بل، هو دائم، باقٍ بين الناس، ؟
إشكالهم يتحدث عن انسان تتطور حياته الظاهرية، كان ينتقل من مكان لآخر على جمل ثم صار يتنقل بسيارة أو بطائرة، كان يتواصل مع غيره بالحمام الزاجل، أو بالبرقيات، وصار يتواصل بالتواصل الصوتي المرئي، مع انسان كان يلبس كذا وصار يلبس كذا ، كان يأكل كذا وصار يأكل كذا .. وغير ذلك من الأمور الظاهرية الشكلية.
والدين لم يدعِ يوماً أنه جاء ليعالج الأمور الظاهرية، أو حتى ليطور علوم الدنيا، كعلم الهندسة و الطب، أو الفيزياء أو غيرها من العلوم .. وإلاّ ، ففي هذه الحالة يمكن أن يتحدد القرآن الكريم، والدين ويختص بعصر معين،
ودعوى الدين أنه جاء لكل العصور ، جاء ليعالج ويتابع أمر ثابت في حياة الإنسان منذ أول إنسان على وجه الأرض، إلى آخر إنسان عليها، فهو الفطرة التي لم تتغير منذ خلق الإنسان، والفطرة هي نفسها لا تتغير،
ورد عن أمير المؤمنين في بيان وظيفة الأنبياء قوله ( ليثيروا لهم دفائن العقول ) وكذلك قوله ( ليستأدوهم ميثاق فطرتهم)، فلم يأتِ الأنبياء لتعليم الناس أموراً وأشياءً جديدة، بل أن وظيفتهم هي إظهار أمور كانت مخفية في نفوسهم ،
وتعبير القرآن في وصف النبي ﷺ يؤكد ذلك، في قوله تعالى :” فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر )، ولا يقال للإنسان أنه مذكر ، إلا حينما يكون هناك أمرأ معروفاً لديه، ولكنه قد نسيه وغفل عنه بفعل عوامل الزمن، فيأتي دور الأنبياء ليقوموا بعملية التذكير هذه، ويخبروهم بما في نفوسهم وفطرتهم .
وفي هذه الفطرة أمور مهمة :
أولاً : حاجة الإنسان للكمال، وهو متاكد أن هذا الكمال لن يجده مهما تطورت الحياة الظاهرية، فهذا الكمال غير موجود إلا وراء عالم المادية المحدود، لذلك هو يحتاج إلى الاتصال بعالم الغيب، ومعرفة ما وراء الطبيعة، وهذه الحاجة لهذه المعرفة لا يغذيها الا الدين ..
ثانيا : الدين عنصر ضروري لتكميل القوة النظرية في الإنسان، لأن حواسه بالتعاون مع عقله تساعده في التعامل مع عالمه المادي، لكن المشكلة أن الإنسان في هذا الإطار لا يجد كماله، بل يشعر بانتماء إلى عالم الغيب الفسيح الذي يجد العقل فيه متعته ولذته، من غير حدود ولا قيود، حينما يحدثه عن الماضي السحيق أو عن خلق الإنسان وخلق ما حوله، وبهذا تتسع مدارك الإنسان، ويتفتح عقله على معارف شتى تشق أمامه الطريق إلى ما فيه خيره وسعادته.
ثالثاً : الدين عنصر ضروري لتكميل الوجدان، حيث يدعو إلى تعلق المخلوق بالخالق ، وعرفان ماله وما عليه من فضل ومنه، ومراقبته في السر لاعتقاده أنه يراه، وبهذا تقوى عند الإنسان عاطفة الحب، والشكر، والإخلاص، والحياء، والأمل، وغيرها من العواطف التي قد لا تجد لها في دنيا الناس علم معينا يغذيها وينميها . وبهذا تسمو عاطفة الإنسان نحو الخير دائما ، فيستقيم على الجادة ، ويمضي في حياته طاهر القلب نقي الوجدان .
رابعا : الدين يغذي في الإنسان كونه موجود اجتماعي فيجعل الجماعة الإنسانية على قلب رجل واحد، يجمعهم على الخير والبر، ويؤلف بين قلوبهم حتى يكونوا إخوة متحابين متناصحين، متعاونين، متكافلين، كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
لذلك كان هذا الدين خير ضمان لقيام التعاون بين الناس على قواعد العدالة والإنصاف، وكان ذلك ضرورة اجتماعية، كما هو فطرة إنسانية.
النتيجة: أن الدين هو اهم أولوية في الحياة: ويمكن إعطاء مثال لذلك، بتخيل مثال المظلة .. حينما يستعمل إنسان مظلة للنزول من طائرة، قد يجهل لونها، أو شكلها بيضاوي كان أو دائري، أو مستطيل، قد يجهل عدد حبالها، قد يجهل نوع حبالها من خيوط صناعية كانت أم طبيعية، لا شك أن كل هذه الأمور ليس من المهم معرفتها للنزول من المظلة . ولكن شيئاً واحداً إذا جهله نزل ميتاً، هو طريقة فتحها ، فالأولوية في ذلك كله، أن يعلم وأن يبحث عن طريقة فتحها، لأن سلامته متعلقة بمعرفة تلك الطريقة ،
نحن في هذه الدنيا وجدنا أنفسنا على الأرض، وأمامنا خيارات كثيرة، بناء البيت للسكن فيه، وكسب المال الكثير من التجارة، والاستمتاع بمتع الدنيا، والتزود بعلومها، والعقل يقول لا مانع من ذلك كله، ولكن، ينبغي أن لا يكون ذلك هو الهدف الوحيد ، بل لابد من ترتيب الأولويات لتكون الأولوية لمهارة فتح المظلة التي تنقلنا من هذا العالم إلى عالم البقاء.
هذه الأمور التي يهتم بها الإنسان من بناء بيت، والبحث عن وظيفة، هي بمثابة لون المظلة وشكلها، بينما كيفية عمل المظلة هو المهم، الأمر الاساسي الذي يجب أن ننشغل به هو كيف نفتح المظلة ونعبر عبور سليم إلى النهاية .. ،
لأن الإنسان يعلم أنه لا ينتمي إلى هذا المكان. فينبغي أن يبحث عن طريقة سليمة للخروج .
لذلك ينطق صوت العقل يقول : “اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا“.
إذا اقتنع الإنسان بحاجته للدين كحاجته للأكسجين في التنفس، وحاجته للشرب والأكل سوف تحل المسالة. ولكن في الغالب لا توجد هذه الحاجة في وجدان الإنسان، لأنه لا يعيش فطرته ، بل يعيش في ظاهره فقط طول يومه ، يعيش في قالبه لا قلبه ،
يقول القرآن الكريم في وصف الإنسان كنموذج متكرر في كل زمان ( وتراهم ينظرون إليك ولكن لا يبصرون ) ( أكثر الناس لا يفقهون ) لا يعقلون ..لذلك يقول أكثرهم للحق كارهون )، لأنه لا يتماشى مع ماديتهم التي تشدهم نحو الدنيا .
الدين فطرة على مستوى التجربة :
هناك ملاحظة يقولها ويل ديورانت-صاحب موسوعة الحضارة- بعد مراقبة كل الحضارات القديمة ، وهو لا يؤمن بأيّ دين، ذكر في بحثه حول التاريخ والدين: (للدين مئة روح، كلُّ شيء إذا قضي عليه، في المرة الأولى، فإنّه سوف يموت وإلى الأبد، إلاّ الدين، فإنّه لو قضي عليه مئة مرة، فإنّه رغم ذلك، سيظهر، وتنبعث في الحياة بعد ذلك).
هذا دليل من لا ديني قرأ التجربة الإنسانية البشرية، ووصل إلى أن الدين موجود في الفطرة الإنسانية، إذا غابت عن المجتمع البشري في زمن، فإنها لابد أن تستيقظ في زمن آخر .
وتنمو هذه الفطرة شجرة طيبة في حياة طيبة ، للفرد وللمجتمع من خلال ارتباطه بالله عز وجل، وبوليّ الله في الأرض الذي تجلت فيه صفات الله تعالى بحيث تحقق الانجذاب إليه،
والحمد لله رب العالمين
زر الذهاب إلى الأعلى