الكرامة الحسينية

ملخص كتاب العدل الإلهي للشيخ مرتضى مطهري

المقدمة:

  • هذا العصر هو عصر الاضطرابات الفكرية ، وعلى الشباب أن يقودهم شكهم إلى البحث والتنقيب عن الحقيقة للوصول إلى اليقين.

  • يجب على العلماء أن يكتبوا في المجالات التي يحتاجها المجتمع ، وتمثل فجوة في المكتبة الإسلامية ولا يندفعوا في كتاباتهم على الصدفة .

  • اهتمامات الشهيد في حقل المرأة نابع من جهل المرأة بحقوقها وضرورة توعيتها لما طرحه الإسلام من حلول بشأن حقوقها .

  • الكتاب عبارة عن محاضرات ألقيت في حسينية الإرشاد وتم تعديلها للطباعة، وهي إجابة لمسائل عديدة طرحها الشباب في أكثر من مجال .

  • البحوث في الكتاب لها جانبان : نقلي وعقلي، الروايات والقرآن ثم الجانب العقلي طريقة الفلاسفة والحكماء ، وأحيانا طريقة المتكلمين .

  • البحوث العقلية لم تتطرق إلى العدل الإلهي كعنوان ولكن ترقت إلى قضية الجبر والاختيار كموضوع إنساني إلهي طبيعي .

  • المجتمع الإسلامي الأول تطرق لهذه المسألة لأن القرآن أثار فكرة القضاء والقدر ودعا إلى التأمل والتفكر .

  1. الجبر والاختيار بحث مرتبط بالعدل الإلهي ، وانقسم المتكلمون فيه إلى :

المعتزلة : يناصرون العدل والاختيار ( العدلية).

الأشاعرة وهم ( أهل الحديث) : يناصرون الجبر والاضطرار ، ليس بمعنى أن الله ظالم والعياذ بالله ، بل بمعنى أن العدل لم يكن له حقيقة قبل أن يأمر به الله ، فكل ما يفعله فهو عدل .

  1. الحسن والقبح : مرتبط بالبحث وكذلك انقسم فيه المتكلمون : هل هي أمور مستقلة عقلا وهي حسنة أو قبيحة ، أم هي اعتبارية اتفاقية .

  2. المستقلات العقلية : العقل يدرك بداهة حسن الأشياء وقبحها وهي نظرة المعتزلة ، أما الأشاعرة فرفضوا المستقلات العقلية بحجة أن العقل لا يستطيع أن يدرك ما يجب ومالا يجب بدون الشارع ، ولذا اكتسب الأشاعرة قاعدة ضخمة فسموا ( أهل السنة وأهل الحديث)

  3. الغرض والهدف في أفعال الله : إذا فقد عمل الإنسان الغاية اتصف بالعبث واللغو ، فإذا كان صاحب هدف كان له حكمة .ويعرف الإنسان الحكيم بثلاثة أمور :

  • أن لعمله هدفا وغاية.

  • يختار لهدفه أقصر السبل .

  • يختار هدفه على أساس الأصلح والأرجح.

أما بالنسبة لله فلا ينطبق عليه ذلك ، وقد اختلف المتكلمون :

المعتزلة: الله حكيم لأن أفعاله لها غايات وسبله إليها هي الأصلح ( سلسلة مصالح)

الأشاعرة : ما يفعله الله عين الحكمة .

– العدل أم التوحيد ؟

* الحكمة التي يراها المعتزلة في أفعال الله جعلتهم في نظر الأشاعرة يضحون بالتوحيد الفعلي من أجل العدل .

* والحسن والقبح الشرعيين لدى الأشاعرة جعلتهم في نظر المعتزلة يضحون بالعدل من أجل التوحيد.

– المذهب العقلي الشيعي :

في المسائل الأربعة : العدل والعقل والاختياروالحكمة ناصروا المعتزلة لكنهم أعطوا مفهوما متفاوتاً؛

في الاختيار: لم يأخذوا بالتفويض بل ( أمر بين أمرين).

في العدل :ناصروا المعتزلة دون الإخلال بالتوحيد الأفعالي.

في التوحيد : نادوا بتوحيد الصفات مع الذات ، وعينية الذات مع الصفات .

وفي الحكمة : قسموا إلى غاية الفعل وغاية الفاعل ، وتوصلوا إلى أن غاية الله وحكمته هي في إيصال الأشياء إلى غاياتها.

الأسلوب الفقهي الشيعي :

اعتمدوا القرآن والسنة والروايات والإجماع والاجتهاد  ، وخالفوا بالقياس والرأي:

  1. لأنه عمل بالظن

  2. ويلزم منه أن الشريعة ناقصة وهذا ظلم للإسلام

ولذا يكون معنى الاجتهاد : تطبيق الكليات الإسلامية على مصاديقها المتغيرة .

  • كل ما سبق كان ميدانا علميا للعدل ، لكن العدل اقتحم الأوساط الاجتماعية كذلك ،مثل :

عدالة الإمام في الصلاة ، كلمة حق في وجه سلطان جائر.

  • منشأ مسألة العدل على كل الأصعدة ؛ الكلامية والفقهية والسياسية والاجتماعية هو : القرآن الكريم فنظام الكون قائم على العدل: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط )

( لا ينال عهدي الظالمين )

  • العدل في القرآن يتعلق بالتوحيد والمعاد ليشكل النظرة الكونية

  • أصحاب المذاهب الأخرى يرون أن العامل الاقتصادي هو السبب في تقسيم الناس إلى فئات مختلفة فكريا واجتماعيا وسياسيا ، وفي الحقيقة لا يمكن إرجاع هذا الاختلاف إلى عامل واحد ( اقتصادي) بدليل :

ـ المتوكل خالف أسلافه من الخلفاء والذين ناصروا أصل العدل ، ونكل بمن اعتقد بعقيدة الاعتزال .

ـ الصاحب بن عباد الوزير المنعم دافع عن أصل العدل والمحرومين.

ـ أبو يوسف الهاروني (في عصر هارون )  قاضي القضاة نصير مبدأ العدل بينما أحمد بن حنبل الذي عانى سجن الخلفاء يعادي أصل العدل .

الهدف من المقدمة :

  1. بيان مدى تأثير القرآن في إثارة موضوعات مثل العدل الإلهي .

  2. بيان مدى الأهمية التي أضفاها القرآن على هذه الموضوعات.

الفصل الأول : طرح البحث

  • العدل البشري والعدل الإلهي :

  1. العدل إعطاء كل ذي حق حقه ، والظلم سلبه . فهل ينطبق هذا المعنى على الله ؟ لا ينطبق . لأن الله هو المالك ، وليس لأحد حق عليه

  2. ليس هناك مصداق لظلم الله ، ليس لأنه قبيح والله لا يفعله ، وإنما لأنه مالك الملك وكل شيء تحت تصرفه .( سيف الدولة ينشد بيتا من الشعر ويطلب له تتمة : لك جسمي تعله   فدمي لا تطله    فأجابه أبو فراس : قال إن كنت مالكا     فلي الأمر كله )

  3. هل يمكن تفسير مظاهر العالم على أساس العدل والظلم ؟ أم نحن مطالبون بقبول أصل العدل تعبدياً؟

  4. ماذا يقصد القرآن بمفهومي : العدل والظلم ؟

من جميع ما سبق نفهم أن : العدل الإلهي حقيقة ولا بد أن تتصف بها ذات الله .

المناهج والميول :

تجاه أصل العدل تتعدد المواقف :

  • أهل الحديث : التسليم والتعبد لأصل الدين ومخالفة أي لون من التفكير

  • المتكلمون : الأشاعرة : كل ما يفعله الله فهو عدل ، المعتزلة : العدل والظلم في ذاتهما حسن وقبح ، والله يفعل الحسن .

  • الحكماء ( الفلاسفة) : الله يفعل الحسن ويترك القبيح لشيء آخر.

  • الطبيعيون :يرون الله في مخلوقاته ، فإذا انمحى الظلم من ساحة الكون انمحى من ساحة الله ( والعياذ بالله).

ماهو العدل ؟

  1. تقسيم الفعاليات بين الأفراد  بالقدر اللازم وليس المساوي . مثله التعادل الفيزيائي في صناعة السيارة ، والتعادل الكيميائي في المركبات ، فالعالم موزون ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) . هذا التعريف ينظر إلى المصلحة العامة ، ولا يركز على الحق الفردي الذي يمكن أن يبخسه الفرد فيظلم ،

  2. التساوي ونفي أي لون من ألوان الترجيح أي( المساواة بين الأفراد) ، العدل من هذا الجانب هو عين الظلم .

  3. رعاية حقوق الأفراد وإعطاء كل ذي حق حقه ، والظلم يعني التجاوز على حقوق الآخرين أي ( العدالة الاجتماعية ) وتقوم على أمرين :

– الحقوق والأولوية

– الخاصية الذاتية للإنسان بوجوب مراعاة الحقوق

( من العدل أن تعطي الأشجار ماءً . من الظلم أن تعطي الأشواك ماءً)

  1. رعاية الاستحقاق في إفاضة الوجود وعدم الامتناع عن الإفاضة حيث يتوفر إمكان الوجود ، والموجودات أيضا تتفاوت من حيث قابليتها لاكتساب الفيض، فالعدل هنا : أن أي موجود يأخذ من الوجود المقدار الذي يستحقه وبإمكانه أن يستوفيه .

وهذا المعنى للعدل هو ما ينطبق على الله ، فعدل الله هو عين الفضل والفيض .

الشبهات والإشكالات :

١ـ لماذا يوجد الترجيح والاختلاف في العالم ؟ لماذا أحدنا أبيض والآخر أسود ؟ لماذا كان المخلوق إنسانا ولم يكن نباتاً ؟

٢ـ لماذا توجد الأشياء ثم تعدم ؟ إن الأشياء التي لم توجد تنعم بالهدوء أما التي وجدت فلها حق البقاء ، لماذا تحرم من سعادتها بالوجود ؟

     ٣ـ لماذا توجد الآفات والبلايا التي تعترض الوجود في منتصف الطريق ؟ وهذه الأسئلة تتعدد كيفياتها بحسب مجالها ، وهنا نحن نبحثها في العدل الإلهي .

العدل أحد أصول الدين : لأنها مسألة لم تشغل المتكلمين والفلاسفة فقط بل شغلت عامة الناس ، بل وصار الاعتقاد بهذا الأصل تمييزا للإنسان الشيعي إذا أضيف إليه الاعتقاد بالإمامة

العدل والحكمة :    هما الصفتان اللتان وردت عليهما الإشكالات :

العدل : الله عادل ، لا يهمل استحقاق أي موجود ويعطيه ما يستحق .

الحكمة: الله حكيم ، أبدع هذا الكون على أحسن نظام  وأصلحه.

والإشكال عليهما وجود الشرور :

وجود الحرمان وسوء الحظ يعد ظلماً كما أن وجود الشرور : نقص في الحكمة لأنها ظواهر لا هدف منها .

  • بعض المخلوقات زودت بأجهزة دفاعية تجاه الأخطار ، هو دليل على حكمة الله من جهة ، من جهة أخرى ألم يكن من المقدور خلق نظام بلا أخطار حتى لا تحتاج المخلوقات إلى أجهزة دفاعية؟

الثنائية :

اعتقاد الفرس القدماء بوجود مبدأين للعالم :إله الشر : أهريمان ، وإله الخير : يزدان

لأنهم اعتقدوا أن خالق الخير يستحيل أن يخلق الشر.

  • الزرادشتية : يعتقد أنها دين توحيدي يؤمن بالإله ( آهورا مزدا) الذي خلق كل شيء ، لكن مع مرور الوقت تحولت الديانة إلى ثنائية .

  • الإيراني المسلم تحولت فكرته من وجود الشر إلى عدمه .( الكون ظل الحق ، ولما كان الحق جميلا كاملا فظله جميل مثله).

الشيطان :

    الرؤية الإسلامية لا تقسم الكون إلى خير وشر ، بل كل شيء خلق جميلا وفي مكانه ، والشيطان ليس له دور في النظام التكويني ، نعم له تأثير في مجال الأفعال التشريعية (التزيين والوسوسة ) (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ). وفلسفة وجوده تبرز من حرية الإنسان وأنه مختار في أفعاله ، ووجود الشيطان يجعل الإنسان دائما في مفترق طريقين يختار الأصلح منهما بإرادته .

التشاؤم الفلسفي :

  • وهو الاتجاه المادي الذي يعتقد بعبثية الخلق إن كان كله ينتهي إلى عدم وفناء ، وهو الاتجاه الذي زادت في أتباعه حالات الانتحار ، مثال : نيتشه آخر حياته ، وشوبنهاور ، أبو العلاء المعري ، صادق هدايت.

  • يقابل هذا الاتجاه المادي التربية الإسلامية التي تجعل المصائب والحوادث الضخمة خفيفة الوقع على أصحاب الإيمان الراسخ باليوم الآخر ( مثال أبو طلحة) .

  • وليام جيمز يميز بين الدين والأخلاق المحضة ( بلا دين) : الأولى تطيع القوانين وفي قلوبها حرارة الإيمان ، أما الثانية فالطاعة حمل ثقيل يصحبه الملل بلا حرارة أو شوق .

الفصل الثاني   حل العقدة

الفلسفة الإسلامية :

في مقابل الفلسفة الثنائية والمادية والتشاؤمية برزت الفلسفة الإسلامية الشرقية التي أجابت عن أهم مسألة فلسفية وهي : النظام الأفضل وأشكال الشرور .

حتى لا نظلم الفلسفة الإسلامية بأنها ليست سوى فلسفة يونانية مترجمة نقول :

إن جملة ديكارت الشهيرة : أنا أشك إذن أنا موجود .كلام لا معنى له ، فابن سينا في كتابه الإشارات يبطله ببرهان محكم .

الإجابة عن التساؤلات نجملها تحت ٤ عناوين :

  1. الترجيحات

  2. الفناء والعدم

  3. النقص

  4. الآفات

وستتم الإجابة عن الترجيحات في هذا الفصل والبقية تندرج تحت عنوان ( مسألة الشرور ).

هناك نوعان من الاستدلال :

  • الله جل وعلا لا يحتاج إلى الظلم ، إذن كل نقص أو ترجيح أو اختلاف فله فيه حكمة، ويطلقون عليها ( سر القدر).أما بالنسبة لأهل الحديث فلا يثيرون هذه المسائل ويتعبدون بالسكوت عنها.

  • الحكماء والفلاسفة يستدلون بالاستدلال اللمي: أن الكون أثر من آثار الله التي هي بمنزلة ظله ، وكل ما يصدر عن الجميل فهو جميل  ، وأما الشرور عدمية مجعولة بالعرض لا بالذات ،مثل الشمس والشاخص والظل ومثل الورقة المخرمة، والكون يحتاج إلى الشرور كما يحتاج إلى الخيرات لأنها متلازمة .

ستتم الإجابة في هذا الفصل عن الترجيحات :

ويقصد بها أن المخلوقات بالنسبة إلى الله متساوية فلماذا جعلها متفاوتة في الجمال والبياض والذكاء وغيرها من الصفات ؟

الاستدلال الأول يرجع كل شيء إلى حكمة الله ومعرفته بالمصلحة ، لكن الإشكال هو :

هل هناك معنى لمفهوم المصلحة والحكمة في حق الله ؟ هل يمكن قياس أعمال الخالق على المخلوق ؟

  • الإنسان الحكيم هو الذي يستخدم أفضل الوسائل الموصلة إلى المقصد ، والله لا يحتاج إلى أسباب توصله إلى خلق هذا العالم ، فالإنسان هو الذي يتصف بالحكمة وليس الله .

  • إذن من يقول أن الله خلق هذا العالم وخلق فيه الترجيحات والشرور لمصلحة هو يعلمها لأنه حكيم نجيب أن الله قادر على أن يخلق عالما بلا تفاوت ( بلا ترجيحات أو شرور ).

  • هل نظام الكون من ذاتياته ؟

ـ مثال الأعداد : نظام الخلق يشبه نظام الأعداد ، والتفاوت بين المخلوقات يشبه التفاوت بين الأعداد ؛ فالعدد (١) هو واحد لأنه يتصف بمجموعة صفات هي من ذاته : أنه يسبق العدد (٢) ولا يسبقه شيء . فما هي حقيقة الأعداد ؟ هل وجود العدد (١) يختلف عن درجته ورتبته ؟ من الواضح أن الأعداد وجودها هو عين درجتها ورتبتها ، وينطبق ذلك على المخلوقات .( الشاعر سعدي) يحتل رتبة خاصة من الظروف الزمانية والمكانية بحيث صار متقدما علينا في الزمن .

ـ إذن نظام هذا الكون هو ذاتي ضروري مع وجوده.

ـ إرادة وجود المخلوقات هي عين إرادة نظامها .

ـ النظام الكوني قائم على مجموعة من الأسباب والمسببات (وهو نظام ذاتي وليس اعتباريا ) لتصل إلى الله المسبب الأول .فلا يمكن أن يكون هو الخالق ثم يخضع لهذا النظام .

  • اختلاف وليس ترجيحاً:

الموجود في الكون اختلاف : وهو التفرقة بين أشياء غير متساوية في الاستحقاق

وليس ترجيحاً : وهو التفرقة بين أشياء متساوية في الاستحقاق وتعيش في ظروف موحدة ،

فالاختلاف يكون من قبل الآخذ أما الترجيح فمن قبل المعطي ،

مثاله ( إناءان مختلفان في السعة ويغمر كلاهما بالماء فتكون النتيجة اختلافا وليس ترجيحا)

مثال المعلم والطلاب لكن الاشكال الوارد : المعلم لم يخلق الطلاب بذهنيات متفاوتة ، لكن الله خلق هذا التفاوت ، فلماذا كان هذا الاختلاف ؟

الجواب : اختلاف الموجود ذاتي من ذاتياتها ولازم لنظام العلة والمعلول .

( إنا خلقنا كل شيء بقدر . وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )

النظام الطولي والنظام العرضي :

  • النظام الطولي هو العلة والمعلول ، والترتيب في فاعلية الله بالنسبة للأشياء رتبة بعد أخرى ، وكل منها علة لما بعدها ، (الله والملائكة ( المدبرات أمرا) يمثلون هذا النظام الطولي . قريب منه نظام الدولة وإصدار الأوامر من الملك إلى الوزير فالحاشية ، لكن الفرق : أن طاعة الملائكة للأوامر تكوينية وليست اعتبارية

  • من يرى إمكانية أن يحل المرؤوس مكان الرئيس في النظام الاعتباري للمجتمع ، يرى إمكانية أن يحل الإنسان محل الماشية في النظام التكويني

، وهذا عين الخطأ ، لأن نظام الكون من ذاتياته ، وليس شيئاً زائدا عنه .

  • النظام العرضي : وجود حوادث إذا نظر إليها يتبين عدم وجود صلة بينها بينما في الحقيقة يربطها نظام عرضي ويمثل التسلسل الزماني لظهور حادثة معينة ، وتحقق العلة التامة لظهور أي حادثة ، هذا النظام ممكن أن يتداخل مع النظام الطولي ( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله )

( كلامي وأفعالي التي تصدر عني في نفس اللحظة تسجل عن طريق ملائكة شاهدين )

النظام العرضي قائم على ٤ مبادئ :

المبدأ الأول : قانون العلة العام ( قانون السببية)

      لكل حادثة سبب ما ، وهو مبدأ بديهي عند الإنسان والحيوان .

المبدأ الثاني : الضرورة بين العلة والمعلول

فإذا وجدت العلة التامة لابد من وجود معلولها

المبدأ الثالث : التناسب بين العلة والمعلول

لكل حادثة علتها الخاصة بها ، فظروف وجود علة تامة لوجود تفاحة مثلا لا ينشأ عنه حريق .

المبدأ الرابع : الكون والوجود ينتهيان إلى علة العلل وهو الله وهو صاحب القدرة ويعطي الفيض لكل الموجودات .

هذا الكلام الفلسفي ترجم عنه في القرآن ب : سنة الله

( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)

وهذا مما أعجب الشهيد مطهري ؛ فالقانون الاعتباري قابل للتغيير والاستثناء ، ولكن القانون الإلهي لا يقبل التغيير ، يأتي على شكل جمل شرطية : إذا تعرض الحديد للحرارة فلابد أن يتمدد .

الله يمد كل حوادث الكون بالقدرة ويفيض عليها بالوجود إذا تحققت العلة التامة . هذا يجعل الكون متشابك طوليا وعرضيا ، وكل حادثة لها أسباب هائلة لوجودها مثل وجود كل فرد في هذه المحاضرة ، وكلها ضمن النظام العرضي

  • سنة الله :

ما يطلق عليه في الفلسفة : نظام الكون أو قانون الأسباب يعرّفه القرآن ب ( سنة الله ) ( ولن تجد لسنة الله تحويلا)

  • فعل الله له أسلوب ثابت لا يتغير مثلما تتغير القوانين الاعتبارية .

  • أحد هذه السنن : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )  وهو قانون يحكم تقدم الأمم وتأخرها ،( علاقة الفساد بتأخر الأمم)

  • اليهود شعب الله تولى تربيته عن طريق مجموعة من الرسل وبسبب فسادهم تنبأ لهم بأنهم سيفسدون في الأرض مرتين وسيأتيهم عقاب الله الذي يردعهم في المرتين .

القانون :

  • ليس شيئا مستقلا له وجود في الخارج ، وإنما الموجود هو نظام العلة والمعلول الذي لا يتغير ، فينتزع الذهن من هذا الارتباط القانون الكلي . ( الغابة : هي مجموعة زهور وأشجار ).

  • هو ليس أمرا اعتباريا بل منتزع من حقيقة الأشياء الخارجية ولهذا فهو غير قابل للتغيير والتبديل .

الاستثناءات والمعجزات:

  • هذه القوانين صارمة لا تتغير ولا تقبل الاستثناءات، وليست المعجزات هي خرق للقوانين .

  • ما الذي يحدث إذن في المعجزات؟ مثلاً : ولادة إنسان من غير أب ، ليس مناقضا لسنة الله في الخلق ، وإنما إذا تعطل قانون ولادة الإنسان من أب وأم فإن شروط قانون آخر تعمل ، مثل قضية الاستنساخ . والعلوم المتطورة أثبتت أن كل شيء له سبب .

  • من المسببات أيضا في عالم الخلق : الدعاء ودفع الصدقة يدفع بهما البلاء ، لأنهما كلاهما من قضاء الله ( الحائط الذي أوشك على الانهيار …، أفر من قضاء الله إلى قدره)

القرآن يعبر عن ذلك بأروع بيان :

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا)

  • مما سبق فإن القانون الحاكم هو قانون التقوى والتوكل ، فكل من يتوكل على الله تناله عناية الله . وعبر عن القانون 🙁 قد جعل الله لكل شيء قدرا)

القضاء والقدر ومسألة الجبر :

  • إذا فهمنا أن التقدير هو وجود القوانين في الكون ، نفهم أن الجبر غير موجود ، وإشكاله ينحل بذاته .

  • عمر الخيام : ( علم الله مرتبط بشرب الخمر فإذا أقلع الشارب عن الشرب انقلب علم الله إلى جهل .) هذا كلام هابط لا معنى له .

الخلاصة في هذا الفصل :

  1. الكون يدار بسلسلة من القوانين الذاتية التي لا تتغير ، فكل ظاهرة لها موقعها ورتبتها الخاصة التي لا تتغير .

  2. يلزم من وجود النظام في الكون أن توجد مراتب مختلفة ودرجات متفاوتة للوجود وهو منشأ ظهور الاختلافات والنقص والعدم .

  3. التفاوت والاختلاف ليسا مخلوقين وإنما لازمان ذاتيان من لوازم المخلوقات ، وليس هناك ترجيح بين المخلوقات .

  4. الترجيح هو نقض للعدالة والحكمة ، والكون ليس فيه ترجيح بل اختلاف .

الفصل الثالث : الشرور ( الفناء والعدم – القلة والنقص –الآفات)

البحث في إشكال الشرور يتضمن ٣ جهات :

  • الشرور حقيقتها : عدمية ونسبية .

  • الشرور مرتبطة بالخيرات وغير منفكة عنها .

  • الشرور في أعماقها يكمن الخير .

القسم الأول : حقيقة الشرور :

الإجابة عن هذا القسم هو رد على الثنائية القائلة بوجود مبدأين للوجود : فأتباع الثنائية أرادوا أن يبرئوا ساحة الله من الشر فاتهموه بالشرك ، فقالوا: إن خالق الخير لا يمكن أن يخلق الشر ، لذا كان لكل منهما إله ، كما يرون أن الشرور ضارة وزائدة عن الحاجة  .

  • الإسلام يعارض تلك النظرة لأنه يرى أن الكون كله خير والنظام المتحقق أحسن نظام وليس من الممكن أن يوجد أجمل منه .

  • الإسلام لا يرى للشرور وجودا حقيقياً حتى يكون لها مبدأ ، فالإنسان الجاهل لا يتمتع بصفة اسمها الجهل بل هو فاقد للعلم .

  • الشرور نوعان :

  1. عدمي : الجهل والعمى والفقر والظلام  والموت وهي ضد العلم والبصر والغنى والنور والحياة  ، أي إنها فقدانات وفراغات في عالم الوجود . ودور الإنسان في النظام التكاملي جبران النقائص وملء الفراغات . ( الصفحة المخرمة)

  2. منشأ للعدم : أي تكون مخلوقات خيرة في نفسها لكن وجودها يستلزم نوعاً من العدم مثل الزواحف السامة والميكروبات والوحوش والآفات والسيول والزلازل لأنها تؤدي إلى الفقدان وخسارة الأرواح ، أي هي شر نسبي .وغالبا ما تكون هذه الأمور التي تسبب العدم معلولة للأمور الأولى : الجهل والفقر والعمى ، ولمكافحتها ينبغي مكافحة الشرور العدمية أولاً .

هذا الجواب رد شبهة الثنائية ، فليس هناك شرور حقيقية حتى تحتاج إلى خالق .( العدم والوجود من الشمس وظل الشاخص)،

  • الأمور الحقيقية والنسبية : البياض والسواد والمقدار والكمية أمور حقيقية أما الصغر والكبر فهي نسبية ، وكذلك الشرور . فالعدمية منها هي أمور حقيقية ، أما التي هي منشأ للعدم فإنها نسبية ، أي هي خير لذلتها شر لغيرها .

  • سؤالنا إذن : لماذا خلق الله الشرور ( النسبية )؟

هو لم يخلقها مرتين ؛ مرة بذاتها ومرة نسبة لغيرها وإنما خلقها مرة واحدة .

الشرور وعلاقتها بأصل العدل:

  • لماذا كان إنسان أعمى وآخر أصم وثالث ناقص الخلقة ؟ أليس هذا لون من ألوان منع الفيض ؟ ومنع الفيض ظلم؟  للإجابة لابد من التدقيق في أمرين :

  1. هل يمكن انفكاك هذا النقص والقلة من موجودات الكون ؟  وهل يصبح للكون إمكانية وجود بدون هذه النقائص؟

  2. هل النقائص شر محض أم فيه خير مستتر فيه ؟

        الإجابة في الفصل الرابع :

كانت الإجابة الفلسفية في الفصل الثالث ، وهنا يجاب عن الإشكال بطريقة أخرى :

  • هل يمكن حذف الشرور من الكون ليكون أفضل ؟

  • هل المصائب ضارة فقط وليس لها آثارا إيجابية ؟

أصل التفكيك :

  • واضح أن الكون يشمل الخير والشر متلازمين وغير منفكين ، ومن بحث الترجيح نفهم أن كل موجود يعاني نقصا بسبب نقصان قابليته وليس بسبب إمساك الفيض عنه .

  • الأشياء التي لا علاقة لها بعدم القابلية على الاستيعاب تدخل ضمن دائرة اختيار الإنسان وإرادته ومسؤوليته في خلافة الأرض ، وسد النقص ، وملء الفراغات .

  • الكون كلٌّ واحد يرفض التجزئة ، وحذف جزء منه هو عين حذف جميع الأجزاء . ( في مصنع الحب كان لابد من وجود الكفر فمن الذي سوف تحرقه النار لو لم يوجد أبو لهب ).

  • النظام الكلي :

  • إذا نظرنا إلى النظام الكلي يصبح الوجود الفردي اعتباريا والعكس صحيح . مثلا إذا سألنا : الخط المستقيم أفضل أم المنحني؟ ممكن أن نجيب : المستقيم أفضل .لكن إذا كان هذا الخط جزءًا من مجموعة تمثل الوجه مثلا فإن الحاجب يكون منحنيا أفضل من الحاجب المستقيم .

  • الهجوم من الأسد جميل ، والهروب من الغزال جميل .

  • في اللوحات الفنية ألوان مختلطة ومتدرجة وإضاءات وظلال ولا تصبح لوحة إذا كانت ذات لون واحد .. ( إنما الكون عين وخال وحاجب وكل شيء في مكانه جميل )

  • تنحصر عظمة الكون وجماله في تنوعه العريض وتلونه المختلف .

  • القبح يظهر الحسن :

  • الشرور لازمة لإظهار الخيرات في المجموعة الكونية ، ولولا القبح لما عرف يوسف الصديق ، ولولا الجبال ماوجدت وديان ولما انحدر الماء .

كلمة لطيفة للشهيد مطهري :

(الجميل مدين للقبيح لأنه لولاه لما عرف .وهذه فوائد وليست هدفاً للخلقة ،لأن الله لم يخلقها)

  • الفرد أم المجتمع :

لفكرة أصالة الفرد والمجتمع اتجاهان :

  1. ليبرالي : الأصالة للفرد .

  2. الشيوعي : الأصالة للمجتمع.

  • حساب الجزء يختلف عن حساب الكل ، إذا كان الفرد حقيقي والمجتمع اعتباري فإن المالكين لزمام الأمور يهتمون ببناء الفرد ، والعكس صحيح .

  • هل الفرد كبش فداء للمجتمع ؟ هذا وهم .

في المجتمعات الإنسانية إذا تزاحمت مصالح الفرد مع مصالح المجتمع تقنن قوانين اعتبارية لمصلحة المجتمع . ( لا ضرر ولا ضرار) فلا يسمح في المجتمع الإنساني أن تضر مصلحة الفرد بمصلحة المجتمع ، أما في القوانين الإلهية فليس هناك تعارض أو تزاحم بين المصالح الفردية والمجتمعية . النار قانون طبيعي حقيقي يسبب الإحراق للبر والفاجر إذا تمت العلة التامة .

الله ناظر إلى مصلحة كل جزء بحسب موقعه في النظام الكلي فيفيض عليه من وجوده ، فإذا حُرم منه جزء فإن الحرمان سببه امتناع الجزء عن الاستيعاب .

( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط مستقيم)

أنت يارب الذي تحركني وتوصلني إلى كمالي اللائق بي ، ورب العالمين : هو المربي الذي يعطي الكل ما يستحق من نعم .

الاختلاف في السعة والاستيعاب :

  • المثلث له خاصية تختلف عن خاصية المربع ، لكن ليس فيه ظلم ، ومثله نظام الكون :    (ما جعل الله المشمشة مشمشة بل أوجدها)

  • (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)

  • ( أنزل من السماء مادً فسالت أودية بقدرها )

  • سؤال  : إذا كان الكون لابد فيه من الاختلاف والنقص ، فلماذا وجد الآخر كاملا وخلقت أنا ناقصا ؟ لماذا لم يكن العكس ؟

الجواب : أن كل موجود أخذ حقه بالقدر الذي يستوعبه ، ضمن رابطة العلل والأسباب في القانون الإلهي غير القابل للتغيير .

مصائبنا تكمن في سعادتنا :

عرفنا أن :١- الشرور والمصائب تكمل مجموعة الكون .

ولها أيضا دور آخر :٢- أن الأشياء الجميلة تظهر بسبب وجود الأشياء القبيحة ،

وهنا دور ثالث وهو :٣- الشرور مقدمة لوجود الأشياء الجميلة ، ( يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) هذا أسلوب الكون.

  • يرى ( هيجل ) أن التنازع قانون التقدم ، من طريق الآلام يستطيع الفرد أن يصل إلى التكامل .

( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا)

  • نظرة في سورة ( الانشراح ) : ( فإذا فرغت فانصب ) لما كان اليسر كامناً في أعماق التعب ، فإذا فرغت من المصاعب فألقها فيها من جديد.

  • ( ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً والروائع الخضرة أرق جلودا والنباتات البرية أقوى وقودا وأبطأ خموداً.

  • أعد الله لتربية روح الإنسان برنامجين :

  1. تشريعي : العبادات والتكاليف

  2. تكويني : الشدائد والصعوبات .

البلاء للأولياء :

( إن الله ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية من الغيبة )

( إن الله إذا أحب عبداً غتّه بالبلاء غتّاً)

الأثر التربوي للبلايا والشدائد :

  • تعيد الوعي للنائمين وتحرك العزائم ، فالصقل لحديد يجعله حادا والشدائد تجعل الإنسان أكثر تصميما وفعالية وحدة .

  • كيمياء الحياة لها عنصران : الحب والبلاء ك وهما عاملا النبوغ .

الرضا بالقضاء :

للبلاء فوائد قيمة منها الرضا بالقضاء ( اللهم إني أسألك صبر الشاكرين لك ) هو صبر حلو

البلاء والنعمة النسبيان :

  • يعتمد على طريقة تعامل العبد مع النعمة : كالغنى والصحة ؛

فيمكن الوصول إلى السعادة عن طريق الغنى والفقر وممكن أن تصل إلى البؤس عن طريق الغنى والفقر

( إن الله أنعم على عباد فلم يشكروا فكانت عليهم وبالا ، وإنه ابتلى قوما بمصائب فصبروا فكانت لهم نعمة )

  • البلاء إذا كان عقوبة إلهية هو بلاء حقيقي لأنه تجسيد للآثار السيئة لأعمال الإنسان ،

مثل قسوة القلب  فهي بلاء حقيقي لأنها : ١- معلولة لإرادة الإنسان واختياره   ٢- غير صالحة لتصبح مقدمة لخير أو كمال .

  • جان جاك روسو في تربية أميل :  تربية في أحضان الطبيعة لأن أسوأ الأطفال حظا الذين يغرقهم الآباء في الرقة والنعمة والدلال .

  • انتحار صادق هدايت .

مجموعة الأضداد :

  • الكون خلق بأسلوب التضاد : الوجود والعدم ، الحياة والموت ، البقاء والفناء ، الصحة والمرض …

  • طواعية مادة الكون للتغيير ناشئ من التضاد .

  • المنطق الديالكتيكي : التضاد أساس النظرة الكونية .

  • الطنطاوي ينقل عن سقراط : التضاد وسيبة لإثبات الحياة بعد الموت ، كل شيء يظهر من ضده ، إذن لابد أن توجد حياة بعد الموت وإلا لانتقضت القاعدة العامة للطبيعة .

  • الإمام علي عليه السلام : استعان بأصل ( ليس كمثله شيء ) لمعرفة الله معرفة حقيقية : نعلم من التضاد الذي أوجده في مخلوقاته أن ليس له ضد > والمقارنة بين مخلوقاته نعلم أن ليس له قرين .

الأساس الفلسفي للتضاد :

  • الحركة غير ممكنة دون وجود معوّق ، لا يمكن أن توجد حركة طبيعية بدون قسر أو إكراه ، وعندما يتحرك جسم نحو موقعه نعلم أنه لم يكن في موقعه الطبيعي .

  • سعادة الإنسان مرهونة دائما بكونه طامحا إلى شيء ، ولا يتحقق الطموح إلا إذا كان هناك حرمان .

الخلاصة :

  • صفة الحكمة : وصف الله يختلف عن وصف الإنسان بالحكمة ، فالإنسان الحكيم :

  1. يختار أفضل الأهداف ، وينتقي أفضل السبل للوصول إليها

  2. يختار أهداف معقولة .

أما الله فهو الغني لذا فالحكمة منه : أن يوصل الأشياء إلى كمالاتها اللائقة بها .

معظم الإشكالات تأتي لأننا نقيس حكمة الله على المخلوق ، وننسى أن لفعل الله غاية لكن ليس لذاته غاية .

  • الفيض الإلهي : نظام الكون الشامل قائم على نظام العلية ، وكل موجود لا يمكن أن يتخلف عن رتبته ، وتكامل الموجودات ليس بتخطي الرتب وإنما بسعة الوجود : فما في الكون اختلاف وليس ترجيحا.

  • فعل الله يكون في الكليات ولا يتعلق بالجزئيات ، ويكون ضروريا وليس صدفة .

الجزء الثاني :

الفصل الخامس : الموت والفناء

  • الخوف من الموت أحد أسباب نشوء الفلسفة المتشائمة التي تقول :

  • لماذا نحيا ثم نموت ؟

  • لماذا جئنا أصلا إلى الحياة إذا كنا سنموت ؟

  • النفور من الموت يختص بالإنسان فقط  دون الكائنات الأخرى، لأنه الوحيد الذي يطمح إلى الخلود والكمال ، وهذا دليل على أنه سيخلد ، فالعطش دليل على وجود الماء .

  • الموت نسبي لأنه ليس فناءً تاماً بل انتقال من دار إلى أخرى ، فالدنيا بمثابة رحم للروح ، يصنع فيها أجهزتها الروحية لا لتبقى في الدنيا وإنما ليسهل عليها أن تنتقل إلى عالم الأرواح ( الآخرة) .

(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)

  • الدنيا مدرسة الإنسان : يظهر فيها القابليات والاستعدادات وتعرض على الاختبارات ليكشفها وتخرج تلك القابليات المكنونة إلى النور ، فيتطور الإنسان ويرتقي .

  • جذور الاعتراض : كل ما أورده المتشائمون من تشكيك واعتراض على وجود الموت دليل على عدم معرفة كاملة بالحياة والإنسان والكون ، وأن هذه المعرفة ناقصة .

  • لقد جاء الإنسان إلى الدنيا وعنده حب الخلود ، فلو كان الموت هو العدم المطلق لما كان عنده هذا الطموح .

  • الموت توسيع للحياة : تعاقب الموت والحياة في الدنيا يحقق توازن في النظام الدنيوي ، فجثث الأموات تساعد بتحللها على تكون نباتات جديدة .

الفصل السادس : الجزاء الأخروي :

  • جزاء العمل : وجود جزاء للأعمال دليل على عدالة الله ، فالظالم مستحق للعقوبة وإن فاته العقاب في الدنيا ، لكنه – عند بعض من يشكل على الله – قد يكون إشكالا على عدل الله فيما يتعلق بتناسب الذنب والعقوبة . فعقوبة الغيبة والكذب والزنا وقتل النفس قد تتجاوز حدود الذنب نفسه . للجواب لابد من تبيين أنواع الجزاء .

  • اختلاف العالمين :

  • الدنيا والآخرة عالمان مختلفان في النشأة والقوانين ، وأقرب مثال هو عالم الرحم وعالم الدنيا ( خارج الرحم) . فتغذية الجنين تختلف عن تغذية الطفل الرضيع وكذلك تنفسه .

  • أهم الاختلافات بين الدنيا والآخرة مايلي :

  1. الثبات والتغير : الآخرة عالم ثبات واستقرار بينما الدنيا تحول وتغير ، تنتقل بالإنسان من الطفولة إلى الشباب فالكهولة فالشيخوخة إلى الموت .

  2. الحياة الخالصة والمشوبة والمختلطة : الآخرة هي حياة خالصة بلا موت ، أما الدنيا فالحياة فيها مختلطة بالموت .

  3. البذر والحصاد : الدنيا دار للبذر والعمل ، والآخرة دار الحصاد ونتاج العمل ( الدنيا مزرعة الآخرة)

  4. المصير الخاص والمشترك : في الدنيا مصير الناس مرهون بأعمالهم أو بأعمال فئة منهم بسبب الحياة الاجتماعية التي يعيشونها ، أما في الآخرة ( ولا تزر وازرة وزر أخرى)، ولن تصيب إنسان نار لم  يشارك في إشعالها .

  • ارتباط العالمين :

( الجنة قيعان وإن غراسها : سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر )

  • ثلاثة أنواع من المكافآت :

  1. الجزاء الاعتباري ( تنبيه وعبرة)

  2. الجزاء الذي له رابطة تكوينية وطبيعية بالذنب (المكافأة الدنيوية )

  3. الجزاء الذي هو تجسم للذنب وغير منفصل عنه ( العذاب الأخروي)

النوع الأول من الجزاء  : الذي له علاقة اعتبارية بالذنب:

لعدم تكرار الذنب فهو تنبيه وتربية ، و لتسلية المظلوم وإزالة حس الانتقام لديه .هذا النوع من الجزاء ضروري للمجتمعات ، ولكن ينبغي مراعاة التناسب بين العقوبة والذنب ، هذا النوع من الجزاء لا معنى له في الحياة الأخرى : إذ لا مجال لتكرار الذنب ، كما أن حق الله الذي ضيعه العبد لا سبيل لإزاحة حس الانتقام لعدم وجوده .

النوع الثاني : المكافأة الدنيوية :

له رابطة العلة بالمعلول ؛ فشرب الخمر يؤدي بالإنسان عقوبة بسبب نتيجة طبيعية للذنب : تصلب الشرايين واختلال الأعصاب ، وهذه تعد آثار ذاتية وليست عقوبة قانونية ، ومسألة تناسب العقوبة للذنب ليس لها معنى إذا ألقى إنسان نفسه من أعلى فيكون نتيجة عمله الموت .

النوع الثالث : الجزاء الأخروي وله ارتباط تكويني بالذنوب :

( ووجدوا ما عملوا حاضرا ) ، فالآخرة فيها تتجسم الأعمال ، وهي الوجه الباطني للأعمال : فظلم الأيتام ظاهر العمل وباطنه أكل النار.

نخلص من ذلك أن تناسب الذنب وعقوبته يأتي في موضوع العقوبات الاجتماعية والاعتبارية ، أما عندما يكون الجزاء هو تجسم العمل فلا معنى للحديث عن التناسب .

الفصل السابع : الشفاعة :

أهمية هذا البحث يأتي بعد انتشار المذهب الوهابي الذي له عدة إشكالات على الشفاعة:

  1. الشفاعة تنافي توحيد العبادة وهي نوع من الشرك.

  2. الشفاعة متناقضة مع التوحيد الذاتي لأنه يفترض أن يكون الشفيع ذا رحمة أوسع من رحمة الله .

  3. الاعتقاد بالشفاعة يشجع الإنسان على ارتكاب الذنوب ويجرئه على المعاصي .

  4. ألغى القرآن الشفاعة في قوله تعالى : ( ولا يقبل منها شفاعة ).

  5. الشفاعة تنافي أصلا قرآنيا يعتمد على أن كل إنسان مرهون بعمله .

  6. الاعتقاد بالشفاعة يلزم أن يكون الله واقعا تحت تأثير الشفيع فيحول غضبه إلى رحمة.

  7. الشفاعة استثناء لقوانين الله التي لا تبديل لها ، وترجيح لفئة تمتلك واسطة لتنجو من العذاب ، بينما تقع فئة أخرى في العذاب لعدم امتلاكها تلك الواسطة ، ووجود مثل هذا الاستثناء والترجيح في مجتمع من المجتمعات دليل على وجود فساد .

القانون الضعيف : هو الذي لا يصمد أمام المال والواسطة والقوة ، إذ لا يطبق على الأثرياء ولا الأقوياء، وإنما يطبق على الفقراء والضعفاء ، والقرآن ينفي ذلك ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون ).

معنى الشفاعة في الآية : الواسطة ، والعدل : المال العوض ، ينصرون : القوة .

  • قوة القانون الإسلامي تتضح في ممارسته وتطبيقه على ذوي الخليفة : ( ابنة علي والقلادة – عمرو بن العاص وعمر بن الخطاب ، عمر مع ابنه شارب الخمر ).

     أقسام الشفاعة :

  1. مرفوضة في الدنيا والآخرة وهي نقض القانون ، وهي ما كان يعتقد به أهل الجاهلية في أصنامهم أنها تشفع لهم عند الله .

وهو اعتقاد بعض الشيعة من أن لعلي والزهراء والحسين (ع) شفاعة ينالون بها رضا الله وهو غير الطريق الذي ينال به العبد رضا ربه .

  1. الشفاعة السليمة المؤيدة للقانون ، وهي نوعان :

  • شفاعة القيادة ( العمل ) وتشمل النجاة من العذاب ونيل الحسنات وعلو الدرجة ، وتتحقق بتجسم الروابط وليس فقط الأعمال ، ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ) .

  • شفاعة المغفرة (أو شفاعة الفضل) وهي لا تشمل إلا إلغاء العذاب ، وغفران الذنوب ، وقد يحصل على الحسنات ، لكن لا يوصله إلى رفع الدرجة ، ( ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي أما المحسنون فما عليهم من سبيل )

مثال للنوع الأول : شفاعة النبي وآل البيت عليهم السلام لمواليهم ومحبيهم ومتبعيهم الذين هدوهم إلى طريق الرشاد في الدنيا سيهدونهم إلى الجنة في الآخرة ، وأما فرعون فلأنه كان قائد قومه إلى الضلال فاتبعوه فهو شفيعهم إلى جهنم وبئس المصير .

هذه الشفاعة هي في طول إرادة الله .

مثال للنوع الثاني : أن المغفرة هي مظهر رحمة الله ، ولها قانون إلهي يسري في البشرية يقضي أن الأرواح الكبيرة للأنبياء والأولياء هي سبل وصول المغفرة إلى المخطئين والمذنبين ، فيفهم من ذلك أن هذه الرحمة إذا نسبت إلى الله كانت مغفرة ، وإذا نسبت إلى وسائط الرحمة سميت شفاعة .

شروط الشفاعة :

وجود القابليات الذاتية لدى المشفوع له ، وأهمها : الإيمان بالله وحده ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)

وقوله ( لمن يشاء) أن الإيمان وحده ليس شرطا كافيا وإنما هناك شروط لا يعلمها إلا الله  ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) ولم يوضحها القرآن ليجعل القلوب بين الخوف والرجاء . ومن هنا يفند الرأي المشكك في الشفاعة بأنها موجبة للتجرؤ على المعاصي .

الشفاعة الحقيقية تبدأ من الله وتنتهي عند المذنب ، أما الباطلة فعكس ذلك ( قل لله الشفاعة جميعا)

فالله هو الذي يجعل الشفيع شفيعا سواءً في الدنيا أو القيامة .

أصل التطهير :

نظام الكون قائم على التطهير : امتصاص النباتات لثاني أكسيد الكربون لتطهير البيئة من هذا الغاز ، ومثله تحلل الأجسام الميتة وامتصاص التربة لها ، هذا بالنسبة للحياة المادية . وكذلك الحياة الروحية فيها خاصية التطهير ، وعملية التطهير تسمى المغفرة ، فالأرواح تحتاج إلى عملية غسل وتطهير من الذنوب بين الآن والآخر ، لكن هناك أرواح فقدت قابليتها للتطهير وهي المملوءة بالشرك 🙁 ختم الله على قلوبهم ) .

أصل السلامة :

  • المرض عارض والأصل هو السلامة من الآفات والأمراض .

  • الأجسام الحية تتمتع بخاصية السلامة :

  • كريات الدم البيضاء التي تملك قدرة دفاعية

  • خاصية الجبران والترميم في الكسور والجروح .

          هذا بالنسبة للحياة المادية ، أما الحياة الروحية ففيها قوة دفاعية تحاول إعادة الإنسان إلى طبيعته الأصلية وهي الفطرة التي توجهه إلى الصراط المستقيم وتجنبه الانحراف .

( كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه أو ينصرانه ) هذا يدل على أن الرحمة تسبق غضب الله ، والمغفرة ناشئة عن هذا الأصل .

الرحمة الشاملة :

المغفرة إذن ليست ظاهرة استثنائية وإنما هي قانون كلي يُستنتج من غلبة الرحمة على الوجود ، وكل الكائنات تستطيع أن تنهل من هذا المعين بحسب قابلياتها ، وأقرب الكائنات إلى الله لها النصيب الأوفر ، فيكون النبي وآله أكثر من شملتهم رحمة الله حسب قربهم من الله ، وطلب المغفرة من الله من قبل الرسول وآله إنما هو رمز لشمول أصل المغفرة لهؤلاء المقربين .

الرابطة بين المغفرة والشفاعة :

اختلاف الموجودات في رتبها جعل المقربين من الله والذين شملتهم الرحمة هم وسائط مغفرة تصل إلى المذنبين .

التوحيد والتوسلات :

  • التوسل بالوسائل لا يناقض توحيد العبادة إذا كان الله هو من جعل تلك الوسيلة واسطة للشفاعة بينه وبين العبد المذنب ، بل هو عين التوحيد : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة )

  • لا فرق بين الأسباب المادية والأسباب الروحية حقيقة وإنما في الظاهر يمكن فهم الأسباب المادية بالتجربة العلمية أما الأسباب الروحية فلا مجال لاكتشافها إلا عن طريق الوحي والكتاب والسنة .

  • التوجه في طلب الشفاعة من الشفيع يكون إلى الله باعتباره هو الدال والمرشد والمنتدب للشفيع ، ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما )

  • لا يمكن الاعتماد على التقوى والعمل الصالح وحدهما ( والذي بعثني بالحق لا يُنجي إلا عمل مع رحمة ).

جواب الإشكالات :

  1. لا تتنافى الشفاعة مع التوحيد في العبادة كما أنها لا تنافي التوحيد الذاتي ، لأن رحمة الشفيع ليست سوى أشعة من رحمة الله .

  2. الاعتقاد بمغفرة الله لا يدفع نحو التجري بارتكاب الذنوب وإنما يحيي الأصل فقط ومثله الاعتقاد بالشفاعة ليس فيه تشويق للذنوب بل إنقاذ القلوب من اليأس والقنوط .

  3. الشفاعة على نوعين : باطلة وصحيحة بدلالة آيات قرآنية تثبت الشفاعة وأخرى تنفيها .

  4. الشفاعة لا تناقض العمل ، لأن العمل بمنزلة العلة المنفعلة ورحمة الله بمنزلة العلة الفاعلة .

  5. في الشفاعة الصحيحة لا يتصور أن يقع الله تحت تأثير أي أحد لأن المسير في هذا النوع من الشفاعة يبدأ من الله إلى العبد .

  6. رحمة الله غير محدودة ومن يحرم منها فبسبب عدم قابلية الفرد نفسه وقصوره هو .

الفصل الثامن : عمل الخير من غير المسلم

  1. هل يقبل عمل الخير من غير المسلم ؟ إن كان مقبولا فما الفرق بينه وبين المسلم ؟ وإذا كان غير مقبول فلا ينسجم مع عدل الله .

  2. إذا حكمنا أن كل خارج عن الدين هو من أهل الشقاء ، فستكون الغلبة للشر والشقاء في حين أن الأصل هو الخير والرحمة.

  3. المكتشفون وأهل الاختراع ممن أدى خدمات جليلة للإنسانية وهم غير مسلمين : ما مصير أعمالهم ؟ وهل يمكن مقارنتهم بالمسلمين خاملي الذكر ممن لا عمل صالح له ؟

  4. الفرنسيات المتطوعات لتمريض أصحاب الجذام ومعرفتهم بخطورة الوضع .

هناك ملاحظتان :

  • في كل ما سبق لا نريد معرفة مصير الأشخاص : الجنة أم النار ، فنحن لا نتدخل في حكم الله .

  • لا يقبل دين سوى الإسلام ، ومع ذلك لابد من الإيمان بجميع الأنبياء وبشرائعهم.

العمل الصالح بدون إيمان :

  1. رأي قائل بأن صاحب العمل الصالح يستحق الثواب من الله طبق دستور إلهي ، ونحن نخالفهم لقوله تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)

  2. رأي قائل بأن الجميع مستحق للعذاب ولا ينجو منه إلا فئة قليلة جدا.

       وكلا الرأيين خاطئ ومرفوض

  1. الرأي الثالث : منطق القرآن الكريم

قيمة الإيمان :

اتفق العلماء على أن الكفر نوعان : كفر عن جهل ، يعفو عنه الله

وكفر عن جحود ، والثاني مستحق للعقوبة .

مراتب التسليم :

  • تسليم الجسم

  • تسليم العقل

  • تسليم القلب ( جاليليو)

الشيطان كان عارفا بحقيقة المخلصين ،  أي مسلّم العقل والفكر لكنه كان كافرا لأن قلبه كان نافرا من الحقيقة

( فبعزتك لأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين )

  • أدلة المستنيرين :

  1. الدليل العقلي : لكل عمل ثواب ؛ فالله لا يفاضل بين عباده ، والأعمال حسنة وقبيحة بذاتها .

  2. الدليل النقلي : لا ترجيح بين العباد ( تلك أمانيهم ) يعني اليهود الذين يعتقدون أنهم أحباء الله ، ( إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا )  .

وأيضا هذه الآية يفهم منها أن لا شيء يشترط لقبول العمل غير الإيمان بالله : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) .

  • أدلة المتشددين :

  1. الدليل العقلي : إذا قبل العمل الصالح من غير المسلم فلا فرق بين المسلم وغير المسلم ، والإسلام هنا زيادة ولغو .

  2. الدليل النقلي : ( مثل الذين كفروا أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف )

  • المرجئة : يكفي الاعتقاد بالله ، وقد انقرضت هذه الطائفة لكنها جاءت بثوب جديد في المذهب الشيعي ،كقولهم : يكفي حب علي ( حب علي حسنة لا تضر معها سيئة).

  • الخوارج : مرتكب الكبيرة كافر .

الإسلام الواقعي والإسلام الجغرافي :

  1. الإسلام الحقيقي هو الذي يحمل التسليم لأوامر الله بغض النظر عن بلاد المسلمين الجغرافية ، فديكارت كان مسلّما للحق.

  2. قبح العقاب بلا بيان ، فالله لا ينزل عقابه على من لم تصله الرسالة ٠ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا).

  • الإخلاص شرط لقبول الأعمال :

  • الحسن والقبح على نوعين : فعلي وفاعلي :

فعلي بمعنى أن يكون الفعل حسنا ومفيدا .

وفاعلي : أن يكون هدف الفاعل سليما وصاحب نية سليمة ( لنبلوكم أيكم أحسن عملا ).

  • ممكن أن يؤدي الإنسان عملا صالحا لكنه في قرارة نفسه يريد به إعجاب الناس ( الرياء) .

  • هذا يفند رأي المستنيرين الذين يحكمون بحسن الفعل ، لأن الفعل له جنبتان : حسن فعلي وحسن فاعلي لا ينفك عن العمل .

  • المؤمن يتجه بعمله إلى الله ، بينما غير المؤمن فيتجه بعمله إلى الأسفل لأنه لا يعرف الله ،( إنما الأعمال بالنيات).

  • الكيفية لا الكمية هي المطلوبة في الأعمال : فتصدق علي وفاطمة عليهما السلام بأقراص الخبز ذكر في القرآن لأن العمل كانت نيته خالصة لله تماما ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا )

  • زبيدة زوجة هارون أجرت نهرا في مكة ، لكن ماهو بعده الروحي ؟

  • مسجد البهلول : كان بناء المسجد رياءً.

  • الإيمان بالله واليوم الآخر :

  • ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحورا ، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) .

  • الذي يعمل وهدفه الدنيا سيحصل على هدفه عاجلا ولكن السعي المشكور عند الله لمن يعمل وهو مؤمن بالله واليوم الآخر .

  • من يعمل من الصالحات من غير إيمان يخفف عنه العذاب ، أو يكون عقابه التخويف بدل الإحراق بالنار .

  • الإيمان بالنبوات والإمامة :

ثمرة الإيمان بالنبي صلى الله عليه وآله وبأئمة أهل البيت عليهم السلام من جهتين :

  1. أن معرفتهم تؤدي إلى معرفة الله .

  2. الحصول على منهاج كامل للسير إلى الله من خلال معرفة النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين.

المسلم وغير المسلم يشبهان مريضين أحدهما يسير على جدول طبي من طبيب حاذق وآخر ليس له برنامج يسير عليه فهو يتخبط في تناوله لطعامه .

الشريعة تحتوي على تعليمات وبرامج لازمة للتكامل الروحي والمعنوي : ( فإن أسلموا فقد اهتدوا).

يستنتج من ذلك :

أن العامل صالحا بلا إيمان بالله واليوم الآخر فإنه لا يقبل منه ، أما المعترف بالله واليوم الآخر فتقبل أعماله وله احتمال دخول الجنة حتى لو لم يؤمن بالنبوة .

الإصابة بالآفات :

السؤال المطروح : هل يوجب الكفر والعناد إحباط العمل الصالح سواءً كان من المسلم أو غير المسلم كالآفة التي تفسد المحصول ؟

الجواب : قد يكون الفعل متصفا بالحسن الفعلي والحسن الفاعلي ، يعني نفس العمل سليم ولصاحبه روح طيبة ولكنه يضيع بسبب الإصابة بآفة ما ، وهو ما يعرف بإحباط العمل ، وتكون آفاته مثلاٍ:

  • المن والأذى بعد الصدقة : (لاتبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ).

  • الحسد : (إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ).

  • الجحود : لأن الإسلام حقيقته هو التسليم .

  • اللامبالاة في الدفاع عن الحق : موقف أهل الكوفة الذين خذلوا الحسين عليه السلام .

  • العجب والفخر بالنفس .

  • الرياء.

تحت الصفر :

ما سبق كان الكلام عن قبول الأعمال الصالحة من غير المسلم ، لكن ماذا عن تحت هذا الخط ، أي الأعمال المنحرفة ، هل كلها بمستوى واحد ؟ أيوجد فرق بين المسلم وغير المسلم أو الشيعي وغير الشيعي إذا ارتكب الذنب ؟

  • الله لا يعذب العبد إذا كان قاصرا أو جاهلا ، لكنه يعذبه إذا كان مقصرا أي عالما عامداً، فالقاعدة الأصولية تقضي : (قبح العقاب بلا بيان).

  • ولتوضيح حال غير المسلمين في حال ارتكابهم الأعمال الشريرة نقدم بمسألة القصور والاستضعاف التي ذكرها القرآن الكريم .

القاصرون المستضعفون :

يصطلح علماء المسلمين اقتباسا من القرآن على فئة من الناس بأنهم مستضعفون أو مرجون لأمر الله : أي إن أمرهم يعود إلى مشيئة الله يتصرف معهم كما تقتضي حكمته .( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفون في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا . إلا المسضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا . فأولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم وكان الله عفوا غفورا ) .

المستضعفون في الآية الأولى : هم المقصرون المستحقون للعذاب

المستضعفون في الثانية : هم حقيقة مستضعفون ،وفي الآية الثالثة وعد لهم ورجاء برحمة الله وعفوه.

( وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم أو يتوب عليهم )

السيد الطبطبائي :

الجهل بالدين يعد ظلما لا يناله العفو الإلهي الإلهي ، إلا المستضعفين تقبل منهم معذرتهم لظروف مثلا عدم وجود عالم فقيه يتعلمون منه ، ولا يستطيعون الهجرة لتلقي معارف الدين لنقص في البدن أو ضعف في الفكر أو قلة في المال ، بحيث لا يكونون في عداد المعاندين المتكبرين على الحق إذا عرفوه .

وردت روايات في الكافي مفادها : (كل من دان لله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ) . طبعا إلا المستضعفين .فالله وعد المؤمنين بالثواب وبموجب هذا الوعد سيفي لهم أما غير المؤمنين فلم يعدهم لذلك فإن أمرهم موكول إليه : يرحمهم أو يعذبهم .

من وجهة نظر حكماء الإسلام :

ابن سينا : الناس ينقسمون من حيث سلامة البدن وجمال الصورة إلى ثلاثة أقسام :

فقسم بلغ منتهى السلامة والجمال ، وقسم بلغ منتهى المرض والقبح ، وهما فئتان قليلتان ، أما القاعدة الأكبر فهي التي تعيش الحالة المتوسطة من الجمال والسلامة والمرض والقبح .

وكذلك بالنسبة للجمال الروحي والسلامة الفكرية : فئة تعشق الحق وتقابلها فئة تناصبه العداء وتعشق الكفر، وفئة ثالثة هي القاعدة الكبيرة : غير عاشقين تماما للحقيقة ولاهم من خصومها .

صدر المتألهين : يعرض إشكالا على غلبة الخير للشر في الدنيا ، لأنه يجد أن أشرف المخلوقات متورط في الأعمال المنحرفة القبيحة والعقائد الباطلة ، ويجيب عن هذا الإشكال : إشارة إلى حديث ابن سينا :

السابقون الكاملون  ، وأصحاب الشمال ( الأشقياء المنحرفون) ، وأهل اليمين ( الغالبية من الناس ) ، فأهل الرحمة والسلامة لهم الغلبة في الدنيا والآخرة .

أحد الحكماء : المرحوم محمد رضا قمشه إي ، يقول :

رحمة الله واسعة منها البداية وإليها الرجوع ، وهذا هو سر الحب ، فالناس فطروا على حب التوحيد ، أما الشرك فعرض يزول . إن العقل يوصي بإخفاء السر ، لكن الحب يمزق الستر ، لم يربط أحد بعهد الأمانة غيري ، سوادً اعتبرتني ظلوما أم اعتبرتني جهولا .

أي أنه مهما ارتفع عدد المسلمين فهم أقلية ، لكن الأفراد الذين يملكون الإسلام الفطري هم الأكثرية .

ذنوب المسلمين :

هل ذنوب المسلمين وغير المسلمين سواء ؟ والسؤال الذي يوجه دوماً : هل العمل الصالح من غير الشيعي مقبول ؟

يقال : لا . وهل ذنوب الشيعة مغفورة ؟ يقال : نعم .

يستفاد من هذا القول أن العمل في حد ذاته ليس له قيمة ويكفي لضمان سعادة الإنسان أن يطلق عليه اسم شيعي ، وهذا مرفوض .

ويستدل أصحاب هذا الرأي على :

  1. إذا كانت ذنوب المسلمين مثل ذنوب غيرهم ، فما الفرق إذن بينهم ؟

  2. (حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ) .

وللجواب على ذلك نقول :

إن المسلم في قبال غير المسلم والشيعي في قبال غير الشيعي عليه أن يلتزم ببرنامج عملي من قبل إمامه يحفظه من الوقوع عن الصراط ، مثل من لم يتبع أوامر الطبيب مع كونه حاذقا.

فحب علي (ع) هو منهاج يسير عليه الإنسان فيمنعه من الوقوع في المعصية :

( تعصي الإله وأنت تظهر حبه            هذا لعمري في الفعال بديعُ

لو كان حبك صادقا لأطعته                 إن المحب لمن يحب مطيعُ )

( ماتُنال ولايتنا إلا بالعمل والورع ) وحب علي (ع) يدفع المؤمن إلى العمل والورع ، بعض الروايات يستشهد بها للدلالة على ذلك :

  1. طاووس اليماني والإمام علي زين العابدين (ع) لما رأى عبادته فقال عليه السلام : ( إذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون ).

  2. رسول الله صلى الله عليه وآله يخاطب الجموع بعد فتح مكة ويخص أولاد هاشم وأولاد عبد المطلب ( لا تقولوا إن محمدا منا ، فوالله ما أوليائي منكم ولا نت غيركم إلا المتقون )

  3. رسول الله صلى الله عليه وآله آخر عمره الشريف صعد المنبر وأعلن عن قرب موته ،فقال : ( إنه ليس بين الله وبين أحد نسب ولا أمر يؤتيه به خيرا أو يصرف عنه شرا إلا العمل ، لا ينجي إلا عمل مع رحمة ، ولو عصيت لهويت ، اللهم قد بلغت )

  4. علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول لأخيه زيد الذي يتفاخر بنسبه :

(أغرّك أن : فاطمة أحصنت فرجها فحرّم الله ذريتها على النار ؟ وقد قال الله لعبده نوح : ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح ) لقد كان ابناً لنوح لكنه بسبب عصيانه لم يكن من أهله ).

الشروط التكوينية والشروط الاعتبارية :

  • الثواب والعقاب لا يتبعان الشروط الاعتبارية الاجتماعية ، وإنما الشروط التكوينية :

مثال : إذا تقدم للوظيفة في إيران أفغاني وإيراني يملكان نفس المؤهلات فإن الشروط الاعتبارية تختار الإيراني ، لكن إذا اجتاح إيران فايروس أو ميكروب فإنه لا يفرق بين الإيراني والأفغاني لأنه تابع للشروط التكوينية .

وكذلك الجزاء والثواب والعقاب تابعة للشروط التكوينية وليس لأحد أن يدعي قائلا : أنه مادام قد سجل اسمي في عداد المسلمين فقد سلمت من العذاب .

نعم هناك اختلاف : بين تصرف الله بعباده وبين القوانين والشريعة التي وضعها للناس لتنظيم الحياة الاجتماعية ، فالأولى تتبع الشروط التكوينية ، والأخرى تابعة للشروط الاعتبارية .

مثال :من نطق بالشهادتين اعتبر مسلما ويستفيد من المزايا الظاهرية للإسلام : ( فلا يستباح ماله أو دمه ويشهد ويزوّج وله الجيرة ) ، أما من حيث المقررات الأخروية فإن الذي يتحكم هو قانون :

( إن أكرمكم عند الله أتقاكم)

( فمن تبعني فإنه مني )

ومن ذلك صار ( سلمان منا أهل البيت )

  • الدفن عند مراقد الأولياء لا يدفع عنا العذاب إن كنا مستحقين له .

  • قسم من الذنوب يمحى عند سكرات الموت ، وقسم يمحى بسبب عذاب القبر ، وقسم منها في أهوال يوم القيامة ، ويبقى قسم من الناس لابد معذبون لفترة من الزمن ( لابثين فيها أحقابا)

  • أمثلة لألوان العذاب وقت الموت وبعده :

  1. أمير المؤمنين يشكو ألم عينه لرسول الله صلى الله عليه وآله ، فوصف له الرسول الكيفية المخيفة لقبض روح الكافر ، فقال : أعد لي الحديث فقد أنساني ألمي .( الحاكم الجائر وآكل مال اليتيم والشاهد كذبا ).

  2. في وفاة ذر بن أبي ذر : (إني تجاوزت عن حقوقي له فتجاوز يا رب عن حقوقك ).

  3. الإمام الصادق (ع) : ( فوالله لا أخاف عليكم إلا البرزخ )

  4. الإمام الصادق (ع) : (ضغطة القبر كفارة للمؤمن عن تقصيره في الدنيا ).

  5. كل الذنوب سواء من المسلم أو غيره سيعاقب عليها ، يتضح ذلك من روايات المعراج .

تم التلخيص بحمد الله

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى